العتبة الحسينيةمؤسسة وارث الأنبياء
مخطوطة العتبة الحسينيةمخطوطة وارث الأنبياء
آثار زيارة الإمام الحسين (عليه السلام) الوضعيّة في منطوق الروايات القسم الأوّل

آثار زيارة الإمام الحسين (عليه السلام) الوضعيّة في منطوق الروايات القسم الأوّل

الشيخ عصام بدران العلي- باحث إسلامي، مؤسسة وارث الأنبياء للدراسات التخصصيّة في النهضة الحسينيّة/العراق

خلاصة المقال

المقدّمة

تحوي المنظومة الدينيّة الإسلاميّة مجموعةً كبيرةً من القوانين والأحكام المرتبطة بالسلوكيّات والأفعال التي يُمارسها الإنسان في حياته، وتظهر نتائجها من خلال فعل الإنسان أو تركه لتلك الأحكام والتكاليف إيجاباً أو سلباً؛ الأمر الذي يكشف عن وجود علاقة تأثير متبادلة بين الفعل أو الترك، وما يترتّب بسببهما على النفس الإنسانيّة من آثار تعود عليها بالنفع والمصلحة تارةً، وبالمفسدة والإضرار أُخرى.

وبعبارة أُخرى: هناك بعض الآثار الإيجابيّة أو السلبيّة المترتّبة على قيام الإنسان بفعل ما أو تركه له، تُسمّى بالآثار الوضعيّة، وهي من الآثار المادّية التي تتحقّق في دار الدنيا، وهي إمّا أن تُكسبه خيراً وبركةً، وإمّا أن تسلبه منفعةً أو تُسبّب له ضرّاً.

وقد حفلت الروايات الواردة عن أهل البيت^ النادبة لزيارة قبر الإمام الحسين× بذكر جملة من الآثار الوضعيّة المترتّبة على إحياء هذه الشعيرة المقدّسة والمواظبة عليها، فتذكر ما يكسبه الإنسان من المصالح الدنيويّة والأُخرويّة إثر زيارته الإمامَ الحسين×.

ونحن في هذا البحث نحاول تتبّع الآثار الوضعيّة المترتّبة على فعل الزيارة من خلال عرض الروايات المتعلّقة بذلك، وتحليلها وبيان المفردات الدالّة عليها، على أنّنا في الوقت الذي نقوم فيه بسرد تلك الروايات وذكر الجنبة المختصّة بموضوع بحثنا، لا ندّعي أنّنا قد استطعنا أن نستوعب جميع ما ورد من آثار وضعيّة ـ إيجابيّة ـ لتلك الزيارة؛ لأنّ البركة والآثار والمعطيات المادّية والمعنويّة التي تخلّفها زيارة قبر الإمام الحسين× غير محدودة. كما لا ندّعي استقصاءنا واستقراءنا لجميع تلك الروايات الشريفة التي ذكرت هذا المعنى، إلّا أنّ غرضنا في المقام عرض جملة من تلك الآثار المهمّة.

فبَحَثْنا تلك الآثار الوضعيّة في قسمين، أوردنا فيهما ثمانية آثار تُصيب فاعل الزيارة، يسبق ذلك تمهيد، وسوف يأتي في القسم الثاني ملحق ـ أيضاً ـ يشرح موانع تحقّق الآثار المذكورة.

التمهيد: معنى الآثار الوضعيّة

الأثر لغةً: «بقيّة الشيء، والجمع آثار وأُثور»[1].

والأثر الوضعي هو جملة من الظواهر المادّية التي تُصيب الإنسان والمؤثّرة عليه ـ إيجاباً أو سلباً ـ جرّاء قيامه بفعل أو ترك، أو تلفّظه بقول ما[2].

ويمكن التعبير عنه أيضاً بأنّه انعكاس في حياة الإنسان ـ أوسع من النعمة أو المصيبة ـ ينشأ بسبب قيامه بفعل أو ترك فعل، أو تلفّظه بقول، أو سكوته في موضع يُحسن له القول فيه.

وهذا الانعكاس ربّما يكون خاصّاً بفرد يتعلّق به نتيجة عمله، وربّما يكون عامّاً يتعلّق بقوم أو طائفة حسب السلوك الجماعي الموحّد الذي يصدر عنهم، وهذه حقيقة قرآنيّة نصّ عليها القرآن الكريم في آيات كثيرة يطول المقام بذكرها، لكنّنا هنا ننقل ما يذكره السيّد الطباطبائي في ذلك مختصراً، فيقول: «إنّ الإنسان إنّما يجني ثمر عمله، وإنّ المحسن الخيّر في الناس يسعد في حياته، والظلوم الشرير لا يلبث دون أن يذوق وبال عمله، وفي القرآن الكريم آيات تدلّ على ذلك بإطلاقها، كقوله تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا)[3]، وقوله: (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ)[4]، وكذا قوله تعالى: (قَالَ أَنَا يُوسُفُ وَهَذَا أَخِي قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ)[5]، وقوله: (لَهُ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ)[6]، وقوله: (وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ ...)[7] الآية، إلى غير ذلك من الآيات الدالّة على أنّ الخير والشرّ من العمل له نوع انعكاس وارتداد إلى عامله في الدنيا»[8].

كما حفلت روايات أهل البيت^ بذكر هذه الحقيقة؛ فإنّ مَن تصفّح ما ورد عنهم في هذا المعنى يجد الكثير من النصوص التي  تؤكّد هذه الظاهرة التربويّة، والتي تُعطي للإنسان فهماً لمستقبله من خلال ما يقوم به من الأعمال. ومن جملة هذه الآثار:

1ـ عن أبي عبد الله الصادق×: «صلة الأرحام تُحسّن الخُلق، وتسمح الكفّ، وتطيّب النفس، وتزيد في الرزق، وتُنسئ في الأجل»[9].

2ـ عن النبيّ|: «... الحجّ ينفي الفقر، والصدقة تدفع البليّة، وصلة الرحم تزيد في العمر»[10].

أوضحت النصوص الشريفة المتقدّمة العاقبة التي تُصيب الإنسان نتيجة ممارسته لأفعالٍ سابقة، وبها تتّضح حقيقة الأثر الوضعي ومعناه. وبعد ذلك ننقل الكلام إلى موضوع هذه المقالة، الذي نستعرض فيه جملةً وفيرةً من تلك الآثار المتعلّقة بفعل زيارة الإمام الحسين×.

الآثار الوضعيّة المترتّبة على زيارة الإمام الحسين×في النصوص الشريفة

زيارة الإمام الحسين× عمليّة تربويّة للفرد والمجتمع، وهي واحدة من المفردات الأخلاقيّة العباديّة التي أولاها أهل البيت^ اهتماماً خاصّاً؛ وذلك من خلال بثّهم في نصوص الروايات مكانتها وفضلها وعطاءها، كلّ ذلك لأجل ربط قلوب المؤمنين بمضامين الزيارة المعنويّة والمادّية؛ إحياءً لهذه الشعيرة المقدّسة، واستمراراً في ممارستها من جانب، وللحصول على المنافع المترتّبة عليها من جانب آخر؛ وذلك لما للإمام الحسين× من كرامات جعلها الله تعالى له؛ للدور المهمّ الذي قام به× في نصرة الدين، وبعث حياة الحرّيّة والعزّة والكرامة في هذه الأُمّة، فكانت زيارته× تستحضر هذه المعاني عند الزائر الذي أيقن واعتقد بأنّه× قُتل شهيداً مظلوماً.

من هنا؛ نطقت نصوص المعصومين^ بالآثار المترتّبة على إحياء هذه الشعيرة، وهي آثار كثيرة، وردت بألسن مختلفة، كلّها ترغّب وتحفّز على فعل الزيارة، وتُبيّن ما لها من الفضل والأجر والثواب، وما تستتبعه من آثار تجلب النفع للزائر، بعضها معنوي ينفع الإنسان في آخرته[11]، وبعضها مادّي ينفع الإنسان في دار الدنيا، وهذه الأخيرة هي موضوعات البحث التي سنتعرض لذكرها.

الأثر الأوّل: زيادة الرزق

الرزق هو كلّ ما ينتفع به الإنسان من الأُمور المادّية أو المعنويّة، ولكلّ إنسان رزقه المقدّر والمعلوم، وهو ما يُشير إليه قول الرسول|: «أيّها الناس، إنّ الله موفٍ كلّ عبد ما كتب له من الرزق، فأجملوا في الطلب، خذوا ما حلّ ودعوا ما حرم»[12].

وطلب الرزق أمر مشروع حثّ الإسلام عليه وأكّده ووضع له قواعد؛ لأنّه قوام العيش، وقد تكفّل الله جلّ وعلا أرزاق العباد، فلا رزّاق سواه، لكنّه تعالى جعل لهذا المبدأ موجبات وأسباب، وهي كثيرة، نصّت بعض الآيات القرآنيّة على شيء منها، كالإكثار من الاستغفار والصدقة، قال تعالى: (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا)[13].

وقال تعالى: (قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ)[14].

ومن جملة موجبات السعة في الرزق وزيادته زيارة الإمام الحسين× كما نصّت عليها الروايات الآتية:

الرواية الأُولى: عن أبي جعفر الباقر×، قال: «مروا شيعتنا بزيارة قبر الحسين×؛ فإنّ إتيانه يزيد في الرزق، ويمدّ في العمر... »[15].

فقد رتّبت هذه الرواية مجموعة خصال على زيارة الإمام الحسين× تحمل مصالح دنيويّةً؛ فإنّها وبعد الأمر الوارد فيها بزيارة قبر الإمام الحسين× وإتيان مشهده الشريف، جعلت قِبال ذلك من المغانم التي يكتسبها الزائر الزيادة في رزقه، وهو من الآثار الوضعيّة التي يخلّفها إحياء هذه الشعيرة المقدّسة.

الرواية الثانية: عن عبد الملك الخثعمي، عن أبي عبد الله×، قال: قال لي: «يا عبد الملك، لا تدع زيارة الحسين بن علي÷، ومُر أصحابك بذلك، يمدّ الله في عمرك، ويزيد الله في رزقك ...»[16].

فهنا يؤكّد الإمام× على عدم ترك زيارة الإمام الحسين×، ويُفهم من خطابه «ومُر أصحابك بذلك» الأمر بعدم تركها، مبيّناً أنّ من ثمرات الإقبال عليها أن الله تعالى يزيد في رزق الزائر.

الرواية الثالثة: عن محمّد بن مروان، عن أبي عبد الله×، قال: سمعته يقول: «زوروا الحسين× ولو كلّ سنة؛ فإنّ كلّ مَن أتاه عارفاً بحقّه غير جاحدٍ، لم يكن له عوض غير الجنّة، ورُزِقَ رزقاً واسعاً، وآتاه الله من قبله بفَرج عاجل»[17].

أشارت الرواية إلى أنّ السعة في الرزق مرتّبة على الإقدام على زيارة الإمام الحسين×، والرزق الواسع هو التنمية والزيادة فيه، ممّا يدلّ على كثرته. وهي في الوقت الذي رتّبت حصول هذه المنافع والفوائد للزائر في رزقه، كانت قد أمرت بفعل الزيارة من غير تشديد أو تكلّف على الزائر، فجعلت إتيانه في السنة مرّةً واحدةً، ولا مشقّة في ذلك؛ إذ لو كان في علم الإمام× أنّ هذا الأمر ممّا يشقّ على العبد لما قيّده بالسنة.

هذا بالإضافة إلى الأمر الآخر الذي ذكرته الرواية ـ وهو الأكثر أهمّيةً من غيره ـ
وهو عرفان حقّ الإمام المزور× وكون الزائر غير جاحد له. وهذا شرط مهمّ في قبول الزيارة وترتّب آثارها عليها، فقد ورد في إحدى زياراته×: «أتيتك يا مولاي يابن رسول الله زائراً عارفاً بحقّك ...»[18]، وعبارة التقييد هذه ليست خاصّةً بزيارة الإمام الحسين×، وإنّما وردت في زيارات غيره من الأئمّة المعصومين^ أيضاً.

ومعنى كون الزائر عارفاً بحقّ الإمام المزور ما يفسّره الإمام الصادق× لحمزة بن
حمران حين سأله: جُعلت فداك، وما عرفان حقّه؟ قال: «يعلم أنّه إمام مفترض الطاعة غريبٌ شهيد»[19].

الرواية الرابعة: عن منصور بن حازم، قال: سمعناه يقول: «مَن أتى عليه حول ولم يأتِ قبر الحسين× نقص الله من عمره حولاً ... وذلك أنّكم تتركون زيارته، فلا تتركوها يمدّ الله في أعماركم، ويزيد في أرزاقكم، فإذا تركتم زيارته نقص الله من أعماركم وأرزاقكم، فتنافسوا في زيارته ولا تدعوا ذلك؛ فإنّ الحسين بن علي÷ شاهدٌ لكم عند الله وعند رسوله وعند عليّ وفاطمة»[20].

أثارت الرواية أمراً يتوفّر في مستقبل الزائر إذا ما حقّق فعل زيارة الإمام الحسين×، وهو الزيادة في الرزق؛ فإنّه يترتّب على فعل الزيارة الكثرة في رزق الزائر، وقد جعلت الخطاب في ذلك إيجابيّاً تارةً، وسلبيّاً أُخرى، فوعدت بحصول الأثر الوضعي في الأُولى مرتّباً على فعل الزيارة وعدم تركها، وبحصول عكسه في الثانية مرتّباً على تركها. ثم نادت بعد ذلك بدعوى صريحة إلى التنافس في زيارته× وعدم تركها، وهو ما يكشف عن حرص أهل البيت^ على تأصيلها في النفوس؛ لما لها من بالغ الأهمّية والأثر في إثراء الناس عقديّاً وفكريّاً واجتماعيّاً ودنيويّاً وأُخرويّاً.

الرواية الخامسة: عن أبي الحسن [الكاظم]×، قال: «مَن أتى قبر الحسين× في السنة ثلاث مرّات أمن من الفقر»[21].

كم هو جميل التعبير الوارد في هذه الرواية، فهو يؤمّن زائر الإمام الحسين× من الفقر، بمعنى أنّ مَن حلّ في مشهد الإمام الحسين× المقدّس زائراً له تؤمّن له زيارتُه مستقبلَه، فلا يعيش فقيراً. ولكنّها في الوقت نفسه جعلت هذا الجزاء مشروطاً بتكرّر الإتيان إلى قبره× ثلاث مرّات في السنة، وهذا ربّما يكون حثّاً وتحفيزاً على تطبيق ما ورد من استحباب زيارته في أوقات خاصّة كثيرة في السنة الواحدة؛ فإنّه قد ذكر الفقهاء ـ تبعاً للروايات ـ استحباب زيارته× في يوم عرفة، وفي أوّل يوم من رجب ونصفه، ونصف شعبان، وفي ليالي القدر والفطر والأضحى، ويومي عاشوراء والعشرين من صفر، وفي كلّ شهر؛ للروايات المتواترة فيه[22]، فإنّ ذلك يدعو إلى تكرار الزيارة أكثر من مرّة في السنة.

الرواية السادسة: عن الحلبي، عن أبي عبد الله×، قال: «جُعلت فداك، ما تقول فيمَن ترك زيارة الحسين× وهو يقدر على ذلك؟ قال: إنّه قد عقّ رسول الله| وعقّنا، واستخفّ بأمر هو له. ومَن زاره كان الله له من وراء حوائجه، وكُفي ما أهمّه من أمر دنياه. وأنّه يجلب الرزق على العبد، ويخلف عليه ما يُنفق... وإن سلم فتح له الباب الذي ينزل منه رزقه، ويجعل له بكلّ درهم أنفقه عشرة آلاف درهم، وذخر ذلك له، فإذا حُشر قيل له: لك بكلّ درهم عشرة آلاف درهم؛ إنّ الله نظر لك فذخرها لك عنده»[23].

وروى في (كامل الزيارات) في هذا المعنى خمسة أحاديث أُخرى، تحت باب عنوانه: (ثواب ما للرجل في نفقته إلى زيارة الحسين×)[24].

ممّا انفردت به هذه الرواية أنّها بالغت في جعل جزاء زيارته× الزيادة في الرزق، فقد تكفّلت بفتح الباب الذي ينزل منه الرزق بعد الزيارة، بل زادت على ذلك تعويض ما يُنفقه الزائر في الزيارة، بأن جعلت له عوض الدرهم الذي أنفقه فيها عشرة آلاف درهم، ولعلّ هذا الجزاء يكشف عمّا يحمله سؤال الحلبي ـ الوارد في صدر الرواية عمّن ترك زيارة الحسين× وهو قادر عليها ـ من إدراك عميق، وفهم مكتمل لما تحمله الزيارة من معانٍ سامية، وما تخلّفه من آثار نافعة للزائر في الدنيا والآخرة، فقد جاء التركيز في سؤاله على أمر هامّ، وهو مَن يمتلك القدرة على الزيارة لكنّه يتركها.

والقدرة هنا أعمّ من كونها قدرةً ماليّةً أو بدنيّةً أو غيرهما، مع أنّ الأقرب هو الأُولى؛ وذلك بحسب ما جاء في جواب الإمام× من تأكيده على كون الزيارة سبباً في جلب الرزق، وهي تخلّف أضعاف ما يُنفق فيها.

ما تقدّم كان عرضاً للأحاديث الشريفة الواردة في المفردة موضوعة البحث، ولقد تفاوتت ألفاظها وألسنتها في التعبير عن حقيقة واحدة، وهي ما لزيارة الإمام الحسين× من أثر بالغ في رزق الإنسان، فهي بمجموعها تشكّل مفهوماً عن الرزق الحاصل عند الإنسان إذا ما زار الإمام الحسين× والتزم ذلك، لكنّ التعبير فيها تارةً يكون بزيادة الرزق، وأُخرى بالرزق الواسع، وثالثة بالأمن من الفقر، ورابعة بجلب الرزق وأنّه يخلّف عليه بكلّ درهم أنفقه عشرة الآلاف درهم.

وليس من الضرورة أن يكون المقصود بتلك الزيادة أو الأمان من الفقر أو غيرهما من الألفاظ الواردة هنا هو الغنى، فربّما يكون المقصود هو عدم الفقر والقناعة بالرزق المقدّر وإن لم يكن الإنسان به غنيّاً؛ فإنّ انتفاء الفقر وتحقّق العيش الكريم إنّما يحصلان بأخذ الإنسان كفايته من الرزق، وهذا يكفي في حصول معنى الزيادة في الرزق والأمان من الفقر.

ولا يخفى أنّ بعض هذه الروايات أشارت إلى فوائد أُخرى تترتّب على زيارة الإمام الحسين× ـ كما سوف يأتي التعرّض لذكرها لاحقاً ـ لكنّ بعضها قد اختصّ بذكر هذا الأثر فقط، كما في الرواية الثالثة والخامسة، لكن ذُكر فيهما أنّ الأثر المترتّب على الزيارة إنّما يحصل بعد تحقّق شروط، ففي الأُولى منهما ورد الأمر بالزيارة في السنة مرّةً واحدةً، فإنّ هذا الشرط مع ما ذُكر لاحقاً فيها من عرفان حقّه×، يُحقّقان الرزق الواسع لزائر الإمام الحسين×. وأمّا في الثانية فقد جُعل الزائر في مأمن من الفقر شريطة أن يأتي قبر الإمام الحسين× ثلاث مرّات في السنة.

قد يقال: إنّ في شدّ الرحال والتجهّز إلى زيارة الإمام الحسين× والسير مسافات طويلة، والإقامة في مشهده× المقدّس، كلّ ذلك يحتاج ـ بالإضافة إلى بذل الجهد والطاقة ـ إلى بذل الأموال في سبيل تحصيله، وهذا لا يُناسب ما ورد من أنّ زيارته× تزيد في رزق الزائر.

فإنّه يمكن القول: ليس المقصود بزيادة الرزق هو الوفرة الماليّة فقط، وإنّما الرزق هو كلّ عطاء من الله تعالى، فعطاء المال، والصحّة، والعمل، والزوجة والأولاد، والإيمان، والعلم ... وغيرها. كلّ ذلك يصدق عليه أنّه من الرزق؛ فإنّ ما يهبه الله تعالى للإنسان هو رزق منه جلّ وعلا منّ به على عبده، فإذا ما أُخذت هذه الأُمور بعين الاعتبار في مفهوم الرزق؛ فإنّ أثر الزيارة يتحقّق في حصول أيّ واحد منها.

الأثر الثاني: زيادة العمر

«العمرُ بالفتح وبالضمّ وبضمّتين: الحياة. يُقال: قد طال عَمرُه وعُمرُه... والعَمر والعُمر اسم لمدّة عمارة البدن بالحياة... فإذا قيل: طال عُمره، فمعناه عمارة بدنه بروحه»[25].

وفي (التبيان):«العمر: مدّة الأجل للحياة، وهو تفضّل من الله سبحانه وتعالى يختلف مقداره بحسب ما يعلم من مصالح خلقه، كما يختلف الغنى والفقر، والقوّة والضعف»[26].

إنّ واحدةً من النعم الإلهيّة التي مَنّ الله تعالى بها على العبد في الأرض هي الحياة، فأعطاه حياةً وعمراً ينعم به إلى أجل معلوم عنده سبحانه وتعالى، وقد تناولت جملة من الآيات القرآنيّة مفهوم العمر في مواضع متكثّرة من كتاب الله المجيد، قال تعالى: (بَلْ مَتَّعْنَا هَؤُلَاءِ وَآبَاءَهُمْ حَتَّى طَالَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ)[27]، وتفسيره: «أمهلهم سبحانه، وأمدّ في حياتهم، ونعمّوا في العديد من متاع الحياة»[28].

وهناك من العوامل ـ غير المحسوسة ـ المؤثّرة في إدامة حياة الإنسان المسبّبة في طول عمره، كشفت عنها روايات أهل البيت^، كصلة الرحم، قال أبو عبد الله×: «قال رسول الله|: صلة الرحم تزيد في العمر»[29].

وأمّا زيارة الإمام الحسين× فهي واحدة من جملة الأعمال المستحبّة المهمّة التي تُثمر ذلك، فهي تمدّ في الأعمار وتُنسئ في الآجال، كما نطقت به نصوص كثيرة من روايات أهل البيت^، فإنّ من بركات وآثار الاهتمام بها وفعلها أن يطول عمر الزائر.

ويمكن تقسيم هذه النصوص تبعاً لما ورد فيها من معانٍ تُشير لهذه الميزة التي تتوفّر عليها الزيارة.

أوّلاً: ما ورد فيه معنى أنّ زيارة الإمام الحسين× تمدّ في العمر

1ـ ما تقدّم عن أبي جعفر× قوله: «مروا شيعتنا بزيارة الحسين؛ فإنّ إتيانه يزيد في الرزق، ويمدّ في العمر...»[30].

2ـ ما تقدّم عن منصور بن حازم، قال: سمعناه يقول: «مَن أتى عليه حول ولم يأتِ قبر الحسين× نقص الله من عمره حولاً... وذلك أنّكم تتركون زيارته، فلا تتركوها يمدّ الله في أعماركم...»[31].

3ـ ما تقدّم عن عبد الملك الخثعمي، عن أبي عبدالله×، قال: قال لي: «يا عبد الملك، لا تدع زيارة الحسين بن علي×، ومُر أصحابك بذلك، يمدّ الله في عمرك...»[32].

أكّدت هذه النصوص على أنّ زيارته× إحدى موجبات مدّ عمر الزائر، وهو الزيادة والإطالة في العمر، أي الإمهال والامتداد، بمعنى أن يعيش الزائر زماناً طويلاً في الدنيا.

ويظهر من خلال التأمّل في مجموع هذه النصوص أنّها قد بالغت في التأكيد على الزيارة، فهي تأمر بإتيان قبر الإمام الحسين× وزيارته تارةً، وتنهى عن ترك زيارته أُخرى، ومن بعد ذلك تُبيّن ما لهذه الزيارة من آثار بالغة الأهمّية في حياة الزائر في دار الدنيا؛ فإنّها تزيد في طمأنته ببقائه في الدنيا بإطالة عمره؛ إذ الإنسان بطبعه ميّال للبقاء في هذه الحياة[33]، يطمع من خلال ذلك كسب المغانم التي تعمّر داره في الدنيا والآخرة؛ لذا فهي تبثّ الأمل في نفسه ببعد الأجل وطول العمر.

وهي ـ أي النصوص ـ في الوقت نفسه تذكر كلمة (العمر) منفردةً دون إضافتها إلى ضمير المخاطب المفرد أو الجمع تارةً، ومضافةً إلى ضمير الجمع المخاطب (أعماركم) أُخرى، وبما هي مضافة إلى ضمير المخاطب المفرد (عمرك) ثالثةً، الأمر الذي يكشف عن استيعاب هذا الأثر وشموله لعموم الزائرين حسب مصلحة كلّ زائر.

ثانياً: ما ورد فيه معنى أنّ زيارته× تحفظ الزائر حتى يرجع إلى أهله

1ـ عن عبدالله بن هلال، عن أبي عبد الله×، قال: قلت: جُعلت فداك، ما أدنى ما لزائر الحسين×؟ فقال لي: «يا عبد الله، إنّ أدنى ما يكون له أنّ الله يحفظه في نفسه وماله حتّى يردّه إلى أهله، فإذا كان يوم القيامة كان الله أحفظ له»[34].

2ـ عن محمّد بن مضارب، عن مالك الجهني، عن أبي جعفر×، قال: «يا مالك، إنّ الله تبارك وتعالى لمّا قبض الحسين× بعث إليه أربعة آلاف ملك من الملائكة شعثاً غبراً يبكونه إلى يوم القيامة، فمَن زاره عارفاً بحقّه غفر الله له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر، وكتب له حجّة، ولم يزل محفوظاً حتى يرجع إلى أهله. قال: فلمّا مات مالك، وقُبض أبو جعفر×، دخلت على أبي عبدالله× فأخبرته بالحديث، فلمّا انتهيت إلى (حجّة)، قال: وعمرة يا محمّد»[35].

تفيد الروايتان بأنّ الله تعالى يحفظ زائر الإمام الحسين× حتى يبلغ مأمنه، وهو منزله وأهله، وواضح أنّ معنى الحفظ هو الصون والرعاية والحراسة والمحافظة على الشيء والذبّ عنه، ومعنى الحافظ هو الحارس، وأنّ الحفيظ صفة من صفات الله جلّ شأنه كما في الآية (إِنَّ رَبِّي عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ)[36] [37].

فالله تعالى يحرس الزائر ويدفع عنه بأن يحفظه من الآفات، ومن عوادي المرض ووجوه المعاطب بجميع أشكالها، وهو بذلك يدفع عنه الموت إلى حين الأجل؛ فإنّه (يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ)[38]، فهو تعالى بقدرته وسلطانه يمحو ما يشاء محوه، وكذلك يُثبت ما يُريد إثباته ممّا يتعلّق بأحوال خلقه، ومن ذلك إطالة العمر، فيرزقه الصحّة ويمدّ في عمره بما يشاء، وكلّ ذلك ببركة زيارة الإمام الحسين×، فيدخل الزائر في حفظ الله ورعايته حتى يرجع إلى داره، وهذا المعنى يلازمه أن يكون الزائر محفوظاً حتى في عمره، وهو معنى آخر عن الزيادة في العمر.

ثالثاً: ما ورد فيه معنى أنّ زيارته لا تُحسب من عمر الزائر، ولا تُعدّ من أجله

عن أبي الحسن الرضا×، عن أبيه×، قال:« قال أبو عبد الله جعفر بن محمّد الصادق×: إنّ أيّام زائري الحسين× لا تُحسب من أعمارهم، ولا تُعدّ من آجالهم»[39].

وورد في (أمالي الطوسي) هكذا: «عن محمّد بن مسلم، قال: سمعت أبا جعفر وجعفر بن محمّد÷ يقولان: إنّ الله تعالى عوّض الحسين× من قتله أن جعل الإمامة في ذرّيّته، والشفاء في تربته، وإجابة الدعاء عند قبره، ولا تُعدّ أيّام زائريه جائياً وراجعاً من عمره»[40].

خصّت الروايتان بالذكر الأيّام التي يقضيها الإنسان في زيارة الإمام الحسين×؛ فإنّه يُفهم من جملتي (لا تُحسب) و(لا تُعدّ)، بالإضافة إلى ما ورد أخيراً في قوله×: (جائياً وراجعاً) أنّ الأيّام التي يقضيها الزائر في سفره إلى زيارة الإمام الحسين× ذهاباً إلى مشهده الشريف، ورجوعاً منه حتى بلوغه بلدته، لا تُحتسب من أيّام حياته أو عمره، بمعنى أنّ الله تعالى يزيد عمر هذا الزائر بمقدار عدد الأيّام التي قضاها في الزيارة ذاهباً وعائداً. وهذا المعنى يُشير إلى أنّ الأثر الوضعي المترتّب على هذه الزيارة هو زيادة عمر الزائر بمقدار الأيّام التي انصرمت من حياته فترة زيارته.

ثمّ بناءً على كون معنى الأجل هو مدّة الشيء[41]، أو المدّة المضروبة لحياة الإنسان التي هي العمر، أو نهاية الوقت في الموت[42]، يمكن التوجيه أيضاً بأنّ أيّام الزيارة لا تكون وقتاً لموت الزائر فيها أو في بعض أجزائها، فلو فُرض أن كان قد بقي من عمر الزائر يوم أو ساعة وخرج مسافراً لزيارة أبي عبد الله×، يزيد الله في عمره بمقدار المدّة التي يُقيمها في الزيارة حتى يرجع إلى منزله ثم يموت[43].

إشكال وردّ

ينساق إلى التوجيه المتقدّم إشكال وجداني، وهو لزوم عدم موت أحد من زوّاره× في مشهده أثناء الزيارة، ولا في أيّام طريقها ذهاباً وعوداً، وهذا خلاف الواقع المشاهد من تحقّق ذلك.

وجواب ذلك عدّة وجوه، ملخّصها:

أوّلاً: كما أنّ لزيادة العمر أسبابها من الأعمال أو غيرها[44]، كذلك لنقصه أسبابه ممّا اشتملت عليه أحاديث عقاب الأعمال[45]، وعليه فربّما يكون السبب في الأوّل يُعارضه السبب في الثاني في بعض الأفراد من الأعمال، ويكون هذا الأخير مساوياً له أو أقوى منه، فيحجبه عن فعل أثره.

ثانياً: إنّما يترتّب الأثر مع قبول الأعمال، وموانع القبول كثيرة[46]، ولعلّ مَن مات في أثناء الزيارة لم تتحقّق في حقّه شروط القبول.

ثالثاً: إنّ الأجل أجلان، موقوف ومحتوم، والذي يحتمل الزيادة والنقصان بإذن الله هو الأوّل، فلعلّ الذي يموت في الزيارة يكون أجله من الثاني[47].

وفي توضيح ما ورد في الوجه الأخير يُقال: إنّ هذا الأثر يتنافى مع مبدأ الموت أو الأجل المعلوم، الثابت بالآيات القرآنيّة التي تؤكّد على أنّ أجل الإنسان لا يتقدّم ولا يتأخّر، يقول تعالى في كتابه الكريم: (وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا)[48]. فإنّ هذا لا ينسجم مع ما تُشير إليه روايات موضوع مفردة بحثنا من قبول عمر الإنسان للزيادة أو النقصان.

ولأجل ذلك تطرّق الأعلام لدفع هذا الإشكال وعلاجه، ومن ذلك تفريقهم بين الأجل المحتوم، والأجل المعلّق أو ما يُسمّى بالأجل المخروم؛ فإنّ الأوّل هو نهاية استعداد الجسم للبقاء، وبحلوله ينتهي كلّ شيء بأمر الله. بينما الثاني ينتفي بانتفاء شرطه[49].

مع أنّه يوجد ما يُنبّه على قبول العمر للزيادة والنقصان في الآيات الشريفة، كما في قوله تعالى: (وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلَا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ)[50] [51]؛ فإنّ الآية تُقرّر حقيقة كون الأعمار تتبع الأسباب في زيادتها أو نقصانها كما هو مدوّن في الكتاب، فقد ورد في تفسيرها أنّه يُكتب للإنسان في اللوح المحفوظ ـ بناءً على طاعة العبد أو عصيانه لربّه ـ الإطالة في العمر إلى وقت كذا، أو نقصانه. قال الطبرسي في (تفسير جوامع الجامع): (معناه: لا يطول عمر ولا يقصر إلّا في كتاب الله، وهو أن يُكتب في اللوح المحفوظ: لو أطاع اللهَ فلانٌ بقي إلى وقت كذا، وإذا عصى نقص من عمره الذي وقّت له. وإليه أشار رسول الله| في قوله: «إنّ الصدقة وصلة الرحم تعمران الديار، وتزيدان في الأعمار»)[52].

الأثر الثالث: قضاء الحاجة[53]

إنّ معنى الحاجة معروف، وأصلها في اللغة من (حوج)؛ فإنّ «الحاء والواو والجيم أصل واحد، وهو الاضطرار إلى الشيء... ويقال: أحوج الرجلُ احتاج. ويقال أيضاً: حاج يحوج بمعنى احتاج»[54]. «والحاجة إلى الشيء الفقر إليه مع محبّته، وجمعها: حاج، وحاجات، وحوائج»[55].

وفي ضوء ما تقدّم يمكن أن تكون الحاجة هي كلّ ما يحتاجه الفرد أو الجماعة للتوسعة والتخلّص من الضيق؛ للحفاظ على الحياة وإشباع الرغبات، فإنّه إذا لم تُراعَ هذه الحاجة يُصبح المحتاج في عبء وتحصل له المشقّة.

وهناك طرق عديدة جعلها الله تعالى للعبد يتوسّل من خلالها إليه تقرّباً له لأجل قضاء حوائجه، ولا سيّما المتعسّرة منها، وكلّ تلك الطرق من الأعمال الصالحة، وأوّلها قراءة القرآن الكريم، فهي عبادة جليلة ينبغي على العبد ممارستها ومزاولتها بصورة يوميّة ابتغاءً للتقرّب إليه تعالى، وطلباً للوصول إلى المخرج ممّا يلمّ بالعبد من ضائقة أو حاجة. وهناك من السور الكريمة ما لها من الفضل أنّها قد اختصّت بقضاء حاجة الإنسان عند تلاوتها، ومنها سورة (يس)، فقد ورد في فضلها ما عن رسول الله|، قال: «مَن قرأ يس أمام حاجته قُضيت له»[56].

ومن الممارسات العباديّة الأُخرى التي تُعدّ من وسائل التعجيل والتسهيل في قضاء الحاجة هي الصلاة على محمّد وآل محمّد، فقد ورد عن أهل البيت^ روايات كثيرة تذكر هذا المعنى، فعن الإمام الصادق×: «مَن قال في يوم الجمعة مئة مرّة: ربّ صلِّ على محمّد وأهل بيته، قضى الله له مئة حاجة، ثلاثون منها للدنيا»[57].

ومن جملة الأعمال التي تُساهم في قضاء الحاجة زيارة الإمام الحسين×؛ فإنّ ذلك من آثارها الوضعيّة. وفي المقام نستعرض النصوص الشريفة التي تُفيد هذا المعنى:

الرواية الأُولى: قال الإمام أبو عبد الله×: «إنّ الله يتجلّى لزوّار قبر الحسين قبل أهل عرفات، فيفعل ذلك بهم، ويقضي حوائجهم، ويغفر لهم ذنوبهم، ويشفّعهم في مسائلهم، ثمّ يُثني بعرفات فيفعل ذلك بهم»[58].

الزيارة من أفضل العبادات والأعمال المندوبة التي يمكن أن يأتي بها الإنسان بعد أدائه الفرائض الواجبة؛ لذا حفلت النصوص الشريفة بذكر ما لها من الأجر، وأنّ ثوابها يعادل ثواب الفرائض الواجبة أو أكثر.

من هنا؛ اختصّت هذه الرواية بذكر آثار زيارة الإمام الحسين× يوم عرفة؛ وذلك لما لهذا اليوم من معطيات عميقة أوجدت حالةً من التقارب في حصول الآثار المترتّبة على وقوف الحاجّ يوم التاسع من ذي الحجّة في مكّة المكرّمة على جبل عرفة، ووقوف الزائر في مشهد الإمام الحسين× في ذلك اليوم، فعن أبي عبد الله×: «مَن عرّف عند قبر الحسين× فقد شهد عرفة»[59].

وفيها حثّ كبير على زيارة الإمام الحسين× يوم عرفة خاصّةً، وقد أفاد مضمونها بأنّ النور الإلهي يتجلّى ويظهر للزائرين في كربلاء قبل زائري بيت الله في مكّة؛ لما لكربلاء من المكانة العظيمة، فيقدّم الله تعالى نظرته إلى زائريها قبل نظرته إلى حجّاج بيته، وأنّ واحدةً من بركات هذه النظرة الإلهيّة وتجلّي ذلك النور الإلهي، أن يقضي الله عز وجلّ حوائج الواقفين عند قبر الإمام الحسين× في ذلك اليوم قبل قضاء حوائج الحجّاج الواقفين على جبل عرفة.

فينزل الله تعالى فيوضاته التي يقضي بها حاجة المحتاج من الزائرين مهما كان نوعها ومقدارها وأين ما كانت؛ وذلك إكراماً للإمام الحسين× الذي بذل من أجل الإسلام دمه ومهجته.

الرواية الثانية: ما عن صفوان، قال: «استأذنت الصادقَ× لزيارة مولانا الحسين×، فسألته أن يُعرّفني ما أعمل عليه. فقال: يا صفوان: صم ثلاثة أيّام قبل خروجك، واغتسل في اليوم الثالث، ثمّ اجمع إليك أهلك، ثمّ قل... [وقد ذكر الزيارة ثمّ قال:] فمَن زار الحسين بهذه الزيارة كتب الله له بكلّ خطوة مئة ألف حسنة، ومُحي عنه مئة ألف سيئة، ورفع له مئة ألف درجة، وقضي له مئة ألف حاجة أسهلها أن يزحزحه عن النار...»[60].

إنّ هذه الرواية طويلة اقتصرنا على ذكر مورد الشاهد فيها، وقد اختصّت بذكر آداب الزيارة، بدءاً من العزم على السفر إليها وحتى الانتهاء منها، وقد ذكرت النصوص الشريفة التي يُزار بها الإمام الحسين× وأهل بيته وأصحابه في كربلاء، وهي التي تُسمّى بزيارة وارث المشهورة من بين الزيارات المرويّة عن الإمام الصادق×.

وفيها يُفصِّل الإمام× لصفوان كيفيّة الزيارة وألفاظها، والمواقف التي يقف الزائر فيها مخاطباً تلك الأرواح والأجساد الطاهرة حتى الفراغ منها.

ثم يعقّب الإمام× بذكر ما امتازت به هذه الزيارة من الفضيلة، وهي أنّ مَن زار بها حصل على مجموعة من المغانم، وواحدة منها أنّ الله تعالى يقضي له مئة ألف حاجة، أسهل تلك الحاجات أن يُزحزح الزائر عن النار، وهي إشارة إلى الآية الكريمة: (فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ)[61]. وهذا يعني أنّ زائر الإمام الحسين× ينجو من النار بواسطة الزيارة، فقد ورد في تفسير الآية أنّ قوله تعالى: (فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ) معناه: «نُحي عن النار وأُبعد منها»[62].

وبالرغم من أنّ المصداق الذي ذكره الإمام× هو مغنم أُخروي يفوز به الزائر، لكنّ هذا لا يعني أنّ العدد الهائل في الحاجات التي تُقضى بواسطة الزيارة هو من الآثار الأُخرويّة فقط؛ فإنّ تعبير الإمام× مطلق يشمل الآثار الدنيويّة والأُخرويّة، فكما يفوز الزائر بقضاء حاجته في الآخرة وزحزحته عن النار، كذلك يفوز بقضاء حاجته في دار الدنيا مهما كان نوعها.

الرواية الثالثة: قال أبو عبد الله×: «مَن أتى قبر أبي عبد الله× فقد وصل رسول الله ووصلنا، وحرمت غيبته... وكان الله له من وراء حوائجه، وحفظ في كلّ ما خلف...»[63].

الرواية الرابعة: ما عن الحلبي، عن أبي عبد الله× ـ في حديث طويل ـ قال: «قلت: جُعلت فداك، ما تقول فيمَن ترك زيارته، وهو يقدر على ذلك؟ قال: أقول: إنّه قد عقّ رسول الله| وعقّنا، واستخفّ بأمر هو له. ومَن زاره كان الله من وراء حوائجه...»[64].

اشتركت هاتان الروايتان في لفظ موضوع البحث، وهو (كان الله وراء حوائجه)، وذلك بالرغم من اختلافهما في الفقرات والمضامين الواردة في كلّ منهما، وكذا في النتائج المترتّبة عليهما. ولقد سلطتا الضوء بشكل مركّز على دور زيارة الإمام الحسين× وإتيان قبره، وعدم ترك زيارته في ترتّب بعض الفوائد والمنافع على ذلك، ومن ضمنها ما يتّصل بحاجات الإنسان، فقد أفادتا معنى أنّ زيارته× أصبحت سبباً لتلبية الله تعالى حاجة الزائر وقضائها.

ويُشير قول الإمام المعصوم× بأنّ الله تعالى وراء حاجة الزائر إلى أنّه} يُشبع حاجة الإنسان بمجرّد زيارته قبر الإمام الحسين×، دون حاجةٍ إلى إعمال أفعال أُخرى، وكأنّها ـ الزيارة ـ بحدّ ذاتها عبارة أُخرى عن التوسّل بالله تعالى قاضي الحاجات، فإعمال الزيارة وممارستها، وحضور المشهد المقدّس، والوقوف على القبر الشريف قد أغنى الزائر عن التوسّل لقضاء الحاجة؛ لأنّ الله تعالى يكون وراء قضاء حاجته إكراماً للقبر المزور وصاحبه×.

ومن المعلوم أنّ قضاء الحاجات بيد الله تعالى وحده، ولا منتهى إلى سواه في ذلك، يقول الصادق×: «قضاء الحوائج إلى الله، وأسبابها ـ بعد الله ـ العباد تجري على أيديهم، فما قضى الله من ذلك فاقبلوا من الله بالشكر، وما زوى عنكم منها فاقبلوه عن الله بالرضا والتسليم والصبر، فعسى أن يكون ذلك خيراً لكم؛ فإنّ الله أعلم بما يُصلحكم وأنتم لا تعلمون»[65].

نعم، إنّ في هاتين الروايتين ـ وبخاصّة ما هو مورد البحث ـ ممّا يبعث العزائم، ويحفّز الهمم نحو الحرص الشديد على السعي والمثابرة لإحياء مراسم زيارة الإمام الحسين×؛ لأنّ الكلام فيهما يُشير إلى عناية الله تعالى الفائقة بالزائر في قضاء حاجته، وهذا ممّا يرغّب الإنسان نحو الإكثار من ممارسة فعل الزيارة؛ للتأمين على قضاء الحاجة وما يتعسّر عنده من الأُمور الدنيويّة التي يعجز عن تحصيلها، وبعد أن يفقد الأمل بذلك سرعان ما تتيسّر له تلك الأُمور، وتقضى الحاجة بواسطة قبر الإمام الحسين×.

إنّ الأمر الآخر المهمّ هو التعبير بكلمة (وراء)؛ فإنّها في اللغة «تكون لخلف ولقدّام، ومعناها ما توارى عنك، أي ما استُتر عنك»[66]. وهو تعبير جميل يكشف عن ذوق راقٍ في التعبير عن الرحمة الإلهيّة إذا ما نزلت بالإنسان لتشمل كلّ شيء يخصّه، سواء كان مستوراً ومتوارياً عنه، أم ظاهراً، وسواء كان متقدّماً أمامه أم متأخّراً خلفه، فإنّ الله من وراء كلّ حاجات الإنسان الظاهرة والمستورة، وذلك بفعل قدرته تعالى، فيقضيها للزائر جزاءً ومكافأةً له عن زيارته قبر وليه×.

الرواية الخامسة: عن أبي عبد الله×، قال: «إنّ لله ملائكةً موكّلين بقبر الحسين×، فإذا همّ بزيارته الرجل أعطاهم الله ذنوبه... ثمّ ناداهم أمير المؤمنين: أنا ضامن لقضاء حوائجكم، ودفع البلاء عنكم في الدنيا والآخرة...»[67].

اقتصرنا على إيراد مورد الشاهد في الرواية، فإنّها قد تدرّجت في عرض مجموعة منافع ـ دنيويّة وأُخرويّة ـ يحصل عليها الزائر إذا ما فعل الزيارة، حتى عدّت منها قضاء حوائج الزائرين، إلّا أنّ التعبير فيها بهذه المنفعة ورد على لسان أمير المؤمنين× وأنّه هو الضامن لقضاء الحوائج.

إنّ معنى الضامن هو الكفيل أو الملتزم؛ فإنّه يقال في اللغة: «ضَمِنَ الشيء به ضَمْناً أو ضَماناً: كفل به، وضَمَّنَه إيّاه: كَفَّلَه... يقال: ضمنت الشيء أضمنه ضماناً، فأنا ضامن وهو مضمون»[68].

وهذا معناه أنّ الإمام عليّاً× هو الكفيل أو الملتزم بقضاء حاجة الزائر، فهو ضامن على الله تعالى ذلك.

لا شكّ في أنّ الأُمور تجري بمسبّباتها وطبق القوانين الإلهيّة المرسومة لها، وأنّ كلّ شيء في الكون بيد الله تعالى وحده لا شريك له، ومن ذلك قضاء الحاجات، فهو تعالى قاضي الحاجات وكافي المهمّات، وسؤال الحاجة وقضاؤها منه}، فلا تُطلب من غيره، ولا يقضيها إلّا هو تبارك وتعالى. ولكنّه ـ جلّ وعلا ـ انتخب وانتجب من بين خلقه عباداً صالحين وأئمّةً مقرّبين، لهم الكرامة والجاه العظيم عنده بما لم يحظَ به غيرهم من العباد، فمنحهم بفضله وكرمه مقامات عاليةً؛ وجعل لهم الولاية على الخلق أجمعين، وهم محمّد وآله الطاهرين.

ومن هذا المنطلق؛ وبما يتمتّع به أمير المؤمنين× من مقام سامٍ عند الله تعالى، جعل نفسه ضامناً لقضاء حاجة زائر قبر ولده الإمام الحسين×؛ وذلك إكراماً لهما وبياناً لجليل فضلهما عند الله}، فيقضي الله تعالى حوائج زائري قبر الحسين×، وأنّ أمير المؤمنين× هو الذي تكفّل وضمن على الله تعالى قضاء تلك الحوائج.

ولا غرابة في ذلك؛ فإنّ في مسألة ضمان النبيّ| وأهل بيته^ للعباد على الله دخول الجنّة وغير ذلك من الجزاءات والمكافآت روايات كثيرة، فقد ورد عن رسول الله|: «مَن ضمن لي واحدةً ضمنت له أربعةً: يصل رحمه، فيُحبّه الله، ويوسّع عليه في رزقه، ويزيد في عمره، ويدخله الجنّة التي وعده»[69].

وممّا ورد في هذا الصدد أيضاً ما عن محمّد بن علي، رفعه، قال: «قال رسول الله|: يا عليّ، مَن زارني في حياتي أو بعد موتي، أو زارك في حياتك أو بعد موتك، أو زار ابنيك في حياتهما أو بعد موتهما، ضمنت له يوم القيامة أن أُخلّصه من أهوالها وشدائدها حتى أُصيّره معي في درجتي»[70].

الرواية السادسة: قال أبو عبد الله×: «مَن زار قبر الحسين× ليلة النصف من شعبان، وليلة الفطر، وليلة عرفة في سنة واحدة، كتب الله له ألف حجّة مبرورة وألف عمرة متقبّلة، وقُضيت له ألف حاجة من حوائج الدنيا والآخرة»[71].

امتازت هذه الرواية بترتيب أثر قضاء ألف حاجة من حوائج الدنيا والآخرة على زيارة الإمام الحسين×، وهو أمر بالغ الأهمّية بالنسبة للزائرين الوافدين على قبر سيّد الشهداء×؛ فإنّه بالرغم من الرغبة في كسب الثواب والحصول على الأجر العظيم الذي وعد الله تعالى به الزائرين في الآخرة، والمقامات الأُخرويّة السامية التي جعلها لهم، وكذلك بالرغم من حرص الزائر على تقوية وتعميق العلاقة الروحيّة بينه وبين مولاه الحسين× من خلال الوصول إلى تربته وحضور مشهده، فإنّه يرغب كذلك في نيل الآثار الدنيويّة والبركات التي يُكرم الله تعالى بها زائري قبر الإمام الحسين×، لكنّ الرواية علّقت ذلك على امتياز خاصّ بهذه الزيارة، وهو تكرار الزيارة ثلاث مرّات في السنة، وتحديدها في أوقات معيّنة منها، وهي: ليلة النصف من شعبان، وليلة الفطر، وليلة عرفة. وهي بذلك تكشف عن سرّ من أسرار الزيارة في هذه الأوقات؛ فإنّ لكلّ ليلة من هذه الثلاث مناسبة ًمهمّةً.

فليلة النصف من شعبان، هي ليلة عظيمة بالغة الشرف، روي في فضلها عن الإمام الصادق× أنّه قال: «سُئل الإمام الباقر× عن فضل ليلة النصف من شعبان، فقال: هي أفضل ليلة بعد ليلة القدر، فيها يمنح الله العباد فضله، ويغفر لهم بمنّه، فاجتهدوا في القربة إلى الله تعالى فيها؛ فإنّها ليلة آلى الله} على نفسه ألّا يردّ فيها سائلاً ما لم يسأل الله معصيةً ...»[72].

وإنّ من جملة الأعمال المستحبّة الواردة في هذه الليلة هي زيارة الإمام الحسين×، وهي من أفضل أعمال هذه الليلة، وقد ورد في كيفيّة الزيارة فيها نصّ خاصّ.

وأمّا ليلة عيد الفطر، فهي من الليال الشريفة، وقد ورد في فضل العبادة فيها وإحيائها أحاديث كثيرة، وإنّ من جملة المستحبّات الواردة فيها زيارة الإمام الحسين×؛ فإنّ لها فضلاً عظيماً في هذه الليلة، وقد ورد في زيارته× نصّ خاصّ يُقرأ في هذه الليلة. قال ابن المشهدي في (المزار) بعد ذكره لنصّ هذه الزيارة: «فإذا فعلت ذلك كنت كمَن زار الله في عرشه»[73].

وأمّا ليلة عرفة، فهي ليلة مباركة، وهي ليلة مناجاة قاضي الحاجات، والتوبة فيها مقبولة، والدعاء فيها مستجاب، وقد عُرفت بليلة قضاء الحاجات، وأنّ من خيرة أعمالها زيارة الإمام الحسين×، فقد روي عن الباقر×: «... مَن زار ليلة عرفة أرض كربلاء وأقام بها حتى يُعيّد ثمّ ينصرف، وقاه الله شرّ سنته»[74].

فإنّه لأجل أهمّية هذه الليالي الثلاث وما تمتاز بها من أعمال عباديّة مقرّبة إلى الله تعالى، خصّتها الرواية الشريفة بالذكر، وحصرت قضاء ألف حاجة لزائر قبر الإمام الحسين× فيها، فإنّه متى ما تحقّقت الزيارة فيها في سنة واحدة سوف ينتظر الزائر جزاءه من الأثر المترتّب على ذلك.

هذا بالإضافة إلى الآثار الأُخرى التي يتلقّاها الزائر نتيجةً لفضل الزيارة فيها، وأعظمها غفران الذنوب؛ فإنّه ورد أيضاً عن أبي عبد الله× قوله: «مَن زار قبر الحسين× ليلة من ثلاث غفر الله له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر. قال: قلت: أيّ الليال جُعلت فداك؟ قال: ليلة الفطر، أو ليلة الأضحى، أو ليلة النصف من شعبان»[75].

الرواية السابعة: قال أبو عبد الله×: «إنّ إلى جانبكم لقبراً ما أتاه مكروب إلّا نفّس كربته، وقضى حاجته»[76].

ورواها ابن المشهدي في (مزاره)[77]، وكذا المفيد في (مزاره)[78] أيضاً، وقد ورد فيهما: «يعني قبر الحسين بن علي÷».

ذكرت الرواية أنّ زائر قبر الإمام الحسين× إذ كان مكروباً فإنّ هذه الزيارة تنفّس كربته، وإذا كان صاحب حاجة فإنّها تقضي حاجته؛ فإنّ إحدى آثار وثمار زيارة قبر الحسين× هي قضاء حاجة الزائر.

وقد خصّت الرواية بالذكر القبر الشريف؛ إذ يُخاطب الإمام أبو عبد الله الصادق× الفضيل بن يسار بقوله: «إنّ إلى جانبكم لقبراً». وقد احتمل العلّامة المجلسي بعد ذكره الرواية المتقدّمة: «أن يكون المراد به قبر أمير المؤمنين×»[79].

 لذا؛ ودفعاً لهذا الاحتمال قدّمنا ما ذكره ابن المشهدي والمفيد بأنّ المراد به قبر الحسين بن عليّ÷.

ويؤيّد ما ذكراه وجود قرينتين نحاول الإلمام بهما بصورة مختصرة في المقام؛ لكي تندرج الرواية تحت النصوص الخاصّة بذكر الآثار الوضعيّة المترتّبة على زيارة الإمام الحسين×.

القرينة الأُولى: إنّ الفضيل بن يسار هو أبو القاسم الفضيل بن يسار النهدي، أصله من الكوفة، ونزل البصرة كما هو مذكور في ترجمته[80]، فيكون من العراق، وقد وفد على أبي عبد الله الصادق× في المدينة المنورّة، لذا فكما يُحتمل في جملة (إلى جانبكم) أن يكون المراد منها أرض النجف أو الكوفة آنذاك، يُحتمل أن يكون المراد منها أرض كربلاء أيضاً؛ لأنّ المخاطَب من بلد العراق، وكلتا المدينتين عراقية، وهما متجاورتان.

والكلام نفسه في أبي الصباح الكناني، واسمه إبراهيم بن نعيم، فقد ورد في ترجمته أنّه كوفي عبدي، ونُسب إلى بني كنانة؛ لأنّه نزل فيهم[81]، وقد ورد عنه ما يثبت أنّه كوفي كما في قوله: قلت لأبي عبد الله×: «إنّا نُعيَّر بالكوفة، فيقال لنا: جعفريّة. قال: فغضب أبو عبد الله× ثمّ قال: إنّ أصحاب جعفر منكم لقليل، إنّما أصحاب جعفر مَن اشتدّ ورعه وعمل لخالقه»[82].

القرينة الثانية: روى ابن قولويه في (كامل الزيارات) عن أبي جعفر× روايةً ورد فيها ذكر الكوفة وقبر أمير المؤمنين×، وإنّ إلى جنبه قبر الإمام الحسين×، ثمّ ذكر بأنّ الزائر إذا صلّى عند الحسين× وسأل حاجته من الله قُضيت له. والرواية هي: «عن أبي النمير، قال: قال أبو جعفر×: إنّ ولايتنا عُرضت على أهل الأمصار فلم يقبلها قبول أهل الكوفة؛ وذلك لأنّ قبر علي× فيها، وإنّ إلى لزقه لقبر آخر ـ يعني قبر الحسين×ـ فما من آت يأتيه فيُصلّي عنده ركعتين أو أربعة، ثمّ يسأل الله حاجةً إلاّ قضاها له، وأنّه ليحفّ به كلّ يوم ألف ملك»[83].

فقد أشار الإمام× إلى أنّ القبر الذي يُزار وتُقضى الحاجة عنده هو قبر الإمام الحسين× الذي بجانب قبر أمير المؤمنين×، والمقصود أنّهما متجاوران في بلد واحد وهو العراق، وفي هذا قرينة على أنّ المراد من «إنّ إلى جانبكم لقبراً» في الرواية مورد البحث هو قبر الحسين×؛ فإنّ الإمام× قد علّق قضاء الحاجة على زيارة قبره×، ممّا يعني الإشارة إلى مضمون الرواية الأُولى. مع أنّه لا يُمكن أن يُفهم من ذلك أنّ زيارة قبر الإمام أمير المؤمنين× ليس لها تلك الفضيلة؛ فإنّ لكلّ مقام ومشهد من مشاهد أهل البيت^ له من الفضائل والكرامات ما هو مشترك بين جميعها، وما هو خاصّ بمشهد دون غيره من مشاهدهم^، وإنّما أراد الإمام التأكيد على زيارة الإمام الحسين× لبيان المظلوميّة التي لحقت بأهل البيت^ بصورة عامّة نتيجة قتل الإمام الحسين× في كربلاء.

إنّ رواية الإمام أبي جعفر× الأخيرة أكّدت على أنّ من آثار زيارة قبر الإمام الحسين× أنّ الزائر إذا سأل الله حاجته، فإنّ الله يقضيها له ببركة هذه الزيارة، لكنّها في الوقت نفسه جعلت ذلك مشروطاً بالصلاة عنده ركعتين أو أربع ركعات قبل سؤاله الحاجة؛ وذلك لفضل الصلاة في مشهده× وأنّها تعدل حجّةً وعمرةً، فعن الإمام الصادق×: «مَن أتاه وزاره وصلّى عنده ركعتين كُتبت له حجّة مبرورة، فإن صلّى عنده أربع ركعات كُتبت له حجّة وعمرة»[84].

وروي عن الباقر×: أنّه قال لرجل: «يا فلان، ماذا يمنعك إذا عرضتك حاجة أن تمضي إلى قبر الحسين (صلوات الله عليه) وتُصلّي عنده أربع ركعات ثمّ تسأل حاجتك؟ إنّ الفريضة عنده تعدل الحجّ، والنافلة تعدل العمرة»[85].

الرواية الثامنة: عن ابن أبي يعفور، قال: «قلت لأبي عبد الله×: دعاني الشوق إليك أن تجشمت إليك على مشقّة. فقال لي: لا تشكُ ربّك، فهلا أتيت مَن كان أعظم حقّاً عليك منّي؟ فكان من قوله: فهلا أتيت مَن كان أعظم حقّاً عليك منّي أشدّ عليّ من قوله: لا تشكُ ربّك. قلت: ومَن أعظم عليّ حقّاً منك؟ قال: الحسين بن علي، ألا أتيت الحسين فدعوت الله عنده، وشكوت إليه حوائجك»[86].

حوت الرواية مجموعة مضامين سامية بالإضافة إلى المفردة موضوعة البحث، ولا بأس بذكرها تبعاً؛ لعموم الفائدة المترتّبة على ذلك:

أوّلها: إنّ الموالي لأهل البيت^ عادةً ما يدعوه الشوق لزيارة مولاه، وبذلك يقصد زيارته ويطلبها وإن تحمّل من أجل ذلك المشقّة والعناء.

ثانيها: الإشارة إلى حقوق أهل البيت^ على شيعتهم، وأنّ الإمام الحسين× هو الأعظم حقّاً على شيعته.

ثالثها: الأمر بإتيان قبر الإمام الحسين×، والتضرّع والدعاء لله تعالى في مشهده وطلب قضاء الحوائج.

لقد صرّحت الرواية بشكوى الحوائج إلى الله تعالى عند قبر الإمام الحسين×، وهذا معناه أنّ البقعة الطاهرة لهذا القبر الشريف هي محلّ نزول رحمة الله تعالى واستجابة الدعاء، وأنّ زيارته وشكوى الحوائج إلى الله تعالى في مشهده مسموعة.

وبهذا المقدار نختم هذه الحلقة في الكلام عن آثار زيارة الإمام الحسين×، التي بسطنا الحديث فيها حول ثلاث مفردات تتعلّق بحياة الإنسان، هي من نتاج وفوائد فعل الزيارة، وسوف نستعرض ما يتيسّر  لنا من تلك الآثار في حلقة لاحقة إن شاء الله تعالى.

المراجع والمصادر

* القرآن الكريم.

          الآثار الوضعيّة في الكتاب والسنّة، الشيخ عبد الرسول آل عنوز، الناشر: منشورات الداوري، قم ـ إيران، الطبعة الثانية، 1425هـ .

          اختيار معرفة الرجال (رجال الكشي)، محمّد بن الحسن الطوسي(ت460هـ)، تحقيق: السيّد مهدي الرجائي، الناشر: مؤسّسة آل البيت^ لإحياء التراث، قم ـ إيران، 1404هـ.

          إقبال الأعمال، علي بن موسى بن جعفر بن طاووس(ت664هـ)، تحقيق: جواد القيّومي، مكتب الإعلام الإسلامي، الطبعة الأُولى، 1414هـ.

          الأمالي، محمّد بن الحسن الطوسي(ت460هـ)، تحقيق: قسم الدراسات الإسلاميّة ـ مؤسّسة البعثة، الناشر: دار الثقافة للطباعة والنشر والتوزيع،  قم ـ إيران، الطبعة الأُولى، 1414هـ .

          الأمالي، محمّد بن علي بن الحسين الصدوق(ت381هـ)، تحقيق: قسم الدراسات الإسلاميّة ـ مؤسّسة البعثة، الناشر: مؤسّسة البعثة، طهران ـ إيران ، الطبعة الأُولى، 1417هـ.

          بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمّة الأطهار، محمّد باقر المجلسي (ت1111هـ)، الناشر: مؤسّسة الوفاء، بيروت ـ لبنان، الطبعة الثانية، 1403هـ.

          بداية المعارف الإلهيّة في شرح عقائد الإماميّة، محسن الخزازي، الناشر: مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين،  قم ـ إيران، الطبعة الخامسة، 1418هـ.

          تاج العروس، محمّد مرتضى الزبيدي(ت1205هـ)، تحقيق: علي شيري، الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع،  بيروت ـ لبنان، 1414هـ ـ 1994م.

          التبيان في تفسير القرآن، محمّد بن الحسن الطوسي(ت460هـ)، تحقيق: أحمد حبيب قيصر العاملي، الناشر: مكتب الإعلام الإسلامي (دار إحياء التراث العربي)، الطبعة الأُولى، 1409هـ .

10ـ    تحف العقول عن آل الرسول‘، الحسن بن علي بن الحسين بن شعبة الحرّاني(ق 4هـ)، تحقيق: علي أكبر الغفاري، الناشر: مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين، قم ـ إيران، الطبعة الثانية، 1404هـ.

11ـ    تذكرة الفقهاء، الحسن بن يوسف بن المطهّر العلاّمة الحلّي(ت726هـ)، تحقيق ونشر: مؤسّسة آل البيت^لإحياء التراث، قم ـ إيران، الطبعة الأُولى، 1414هـ .

12ـ    التفسير المبين، محمّد جواد مغنية(ت1400هـ)، مؤسّسة دار الكتاب الإسلامي، الطبعة الثانية، 1403هـ ـ 1983م.

13ـ    تفسير جوامع الجامع، الفضل بن الحسن الطبرسي(ق 6هـ)، تحقيق ونشر: مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين، قم ـ إيران، الطبعة الأُولى، 1418هـ.

14ـ    تهذيب الأحكام، محمّد بن الحسن الطوسي(ت460هـ)، تحقيق: حسن الموسوي الخرسان، الناشر: دار الكتب الإسلاميّة، طهران ـ إيران، الطبعة الثالثة، 1364هـ . ش.

15ـ    ثواب الأعمال وعقاب الأعمال، محمّد بن علي بن الحسين الصدوق(ت381هـ)، الناشر: منشورات الشريف الرضي، قم ـ إيران، الطبعة الثانية، 1368هـ . ش.

16ـ    جامع أحاديث الشيعة، السيّد حسين البروجردي(ت1383هـ)، المطبعة العلميّة، قم ـ إيران، 1399هـ.

17ـ    خلاصة الأقوال في معرفة الرجال، الحسن بن يوسف بن المطهّر العلّامة الحلّي(ت726هـ)، تحقيق: الشيخ جواد القيّومي، الناشر: مؤسّسة نشر الفقاهة، الطبعة الأُولى، 1417هـ.

18ـ    رجال الطوسي، محمّد بن الحسن الطوسي(ت460هـ)، تحقيق: جواد القيّومي الأصفهاني، الناشر: مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة، قم ـ إيران، الطبعة الأُولى، 1415هـ.

19ـ    الرجال، أحمد بن محمّد بن خالد البرقي(ت274هـ)، الناشر: انتشارات دانشكاه طهران، طهران ـ إيران، 1342هـ.

20ـ    عيون أخبار الرضا، محمّد بن علي بن الحسين الصدوق(ت381هـ)، الناشر: مؤسّسة الأعلمي للمطبوعات، بيروت ـ لبنان، 1404هـ ـ 1984م.

21ـ    فهرست أسماء مصنّفي الشيعة (رجال النجاشي)، أحمد بن علي بن أحمد النجاشي(ت450هـ)، الناشر: مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرّفة، قم ـ إيران، الطبعة الخامسة، 1416هـ.

22ـ    الفوائد الطوسيّة، محمّد بن الحسن الحرّ العاملي(ت1104هـ)، تحقيق: السيّد مهدي اللازوردي، والشيخ محمّد درودي، المطبعة العلميّة، قم ـ إيران، 1403هـ .

23ـ    القواعد والفوائد، محمّد بن مكّي العاملي الشهيد الأوّل(ت786هـ)، تحقيق: السيّد عبد الهادي الحكيم، الناشر: منشورات مكتبة المفيد، قم ـ إيران.

24ـ    الكافي، محمّد بن يعقوب الكليني(ت329هـ)، تحقيق: علي أكبر الغفاري، الناشر: دار الكتب الإسلاميّة، طهران ـ إيران، الطبعة الخامسة، 1363هـ.ش.

25ـ    كامل الزيارات، أبو القاسم جعفر بن محمّد بن قولويه القمّي(ت368هـ)، تحقيق: الشيخ جواد القيّومي، الناشر: مؤسّسة نشر الفقاهة، الطبعة الأُولى، 1417هـ .

26ـ    كتاب المزار، محمّد بن محمّد بن النعمان العكبري الشيخ المفيد(ت413هـ)، تحقيق: الشيخ محمّد باقر الأبطحي، الناشر: دار المفيد للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت ـ لبنان، الطبعة الثانية، 1414هـ ـ 1993م.

27ـ    كتاب المزار، محمّد بن مكّي العاملي الشهيد الأوّل(ت786هـ)، تحقيق ونشر: مدرسة الإمام المهدي#، قم ـ إيران، الطبعة الأُولى، 1410هـ .

28ـ    لسان العرب، محمّد بن مكرم (ابن منظور)(ت711هـ)، الناشر: نشر أدب الحوزة، قم ـ إيران، 1405هـ.

29ـ    مجمع البيان في تفسير القرآن، الفضل بن الحسن الطبرسي(ق 6هـ)، تحقيق: لجنة من العلماء، الناشر: مؤسّسة الأعلمي للمطبوعات، بيروت ـ لبنان، الطبعة الأُولى، 1415هـ ـ 1995م.

30ـ    المزار، أبو عبد الله محمّد بن جعفر (ابن المشهدي) (ق 6هـ)، تحقيق: الشيخ جواد القيّومي الأصفهاني، الناشر: مؤسّسة الآفاق ـ طهران، مؤسّسة النشر الإسلامي، قم ـ إيران، الطبعة الأُولى، 1419هـ.

31ـ    مستدرك الوسائل، حسين النوري الطبرسي (1320هـ)، تحقيق ونشر: مؤسّسة آل البيت^ لإحياء التراث، قم ـ إيران، الطبعة الأُولى، 1408هـ ـ 1987م.

32ـ    مصباح المتهجّد، محمّد بن الحسن الطوسي (ت460هـ)، الناشر: مؤسّسة فقه الشيعة، بيروت ـ لبنان، الطبعة الأُولى،1411 هـ.

33ـ    معاني الأخبار، محمّد بن علي بن الحسين الصدوق(ت381هـ)، تعليق: علي أكبر الغفاري، الناشر: مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم، قم ـ إيران، 1379هـ .

34ـ    معجم المصطلحات والألفاظ الفقهيّة، د. محمود عبد الرحمن عبد المنعم، الناشر: دار الفضيلة للنشر والتوزيع والتصدير، القاهرة ـ مصر.

35ـ    معجم مقاييس اللغة، أحمد بن فارس بن زكريا(ت395هـ )، تحقيق: عبد السلام محمّد هارون، الناشر: مكتب الإعلام الإسلامي، 1404هـ.

36ـ    مفاتيح الجنان، الشيخ عبّاس القمّي(ت1359هـ)، الناشر: مكتبة العزيزي، قم ـ إيران، الطبعة الثالثة، 2006م.

37ـ    مفردات ألفاظ القرآن، الحسين بن محمّد الراغب الأصفهاني(ت425هـ)، تحقيق: صفوان عدنان داودي، الناشر: طليعة النور، الطبعة الثانية، 1427هـ.

38ـ    مَن لا يحضره الفقيه، محمّد بن علي بن الحسين الصدوق(ت381هـ)، تحقيق: علي أكبر الغفاري، الناشر: مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين، قم ـ إيران، الطبعة الثانية.

39ـ    موسوعة العقائد الإسلاميّة، محمّد الريشهري(ت2022م)، تحقيق ونشر: دار الحديث للطباعة والنشر، قم ـ إيران، الطبعة الأُولى، 1425هـ .

40ـ    الميزان في تفسير القرآن، محمّد حسين الطباطبائي(ت1402هـ)، الناشر: مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين، قم ـ إيران.

41ـ    نضد القواعد الفقهيّة، مقداد بن عبد الله السيوري(ت826 هـ)، تحقيق: السيّد عبد اللطيف الكوهكمري، الناشر: مكتبة آية الله العظمى النجفي المرعشي، قم ـ إيران، 1403هـ.

42ـ    هداية الأُمّة إلى أحكام الأئمّة، محمّد بن الحسن الحرّ العاملي(ت1104هـ)، تحقيق ونشر: مجمع البحوث الإسلاميّة، مشهد، الطبعة الأُولى، 1412هـ .

43ـ    وسائل الشيعة، محمّد بن الحسن الحرّ العاملي(ت1104هـ)، تحقيق ونشر: مؤسّسة آل البيت^ لإحياء التراث، قم ـ إيران، الطبعة الثانية، 1414هـ .

 



[1] ابن منظور، محمّد بن مكرم، لسان العرب: ج4، ص5.

 

[2] اُنظر: آل عنوز، عبد الرسول، الآثار الوضعيّة: ص10.

 

[3] فصلت: الآية 46.

 

[4][4] الزلزلة: الآيتان 7ـ 8 .

 

[5] يوسف: الآية 90.

 

[6] الحجّ: الآية 9.

 

[7] الشورى: الآية 30.

 

[8] الطباطبائي، محمّد حسين، الميزان في تفسير القرآن: ج4، ص202.

 

[9] الكليني، محمّد بن يعقوب، الكافي: ج2، ص151.

 

[10] ابن شعبة الحرّاني، الحسن بن علي، تحف العقول عن آل الرسول: ص7.

 

[11] ذكرت روايات أهل البيت^ جملةً وفيرةً من الآثار المعنويّة المترتّبة على زيارة الإمام الحسين×، اُنظر في ذلك: ابن قولويه، جعفر بن محمّد، كامل الزيارات: ص238. الحرّ العاملي، محمّد بن الحسن، وسائل الشيعة: ج4، ص408. البروجردي، حسين، جامع أحاديث الشيعة: ج12، ص354.

 

[12] الريشهري، محمّد، موسوعة العقائد الإسلاميّة: ج5، ص46.

 

[13] نوح: الآيات 10ـ 12.

 

[14] سبأ: الآية 39.

 

[15] ابن قولويه، جعفر بن محمّد، كامل الزيارات: ص284.

 

[16] المصدر السابق: ص486.

 

[17] المصدر السابق: ص285.

 

[18] الشهيد الأوّل، محمّد بن مكّي، المزار: ص168.

 

[19] الصدوق، محمّد بن علي، الأمالي: ص183.

 

[20] ابن المشهدي، محمّد بن جعفر، المزار: ص343.

 

[21] الطوسي، محمّد بن الحسن، تهذيب الأحكام: ج6، ص48.

 

[22] اُنظر: الحلّي، الحسن بن يوسف، تذكرة الفقهاء: ج8، ص454.

 

[23] الطوسي، محمّد بن الحسن، تهذيب الأحكام: ج6، ص45.

 

[24] اُنظر: ابن قولويه، جعفر بن محمّد، كامل الزيارات: ص242ـ 248.

 

[25] الزبيدي، مرتضى، تاج العروس: ج7، ص258.

 

[26] الطوسي، محمّد بن الحسن، التبيان في تفسير القرآن: ج8، ص419.

 

[27] الأنبياء: الآية 44.

 

[28] مغنية، محمّد جواد، التفسير المبين: ص425.

 

[29] الصدوق، محمّد بن علي، معاني الأخبار: ص264.

 

[30] ابن قولويه، جعفر بن محمّد، كامل الزيارات: ص284.

 

[31] ابن المشهدي، محمّد بن جعفر، المزار: ص343.

 

[32] ابن قولويه، جعفر بن محمّد، كامل الزيارات: ص486.

 

[33] يقول الخزازي: «ولا خفاء في كون الإنسان بالفطرة محبّاً للبقاء والخلود، ولعلّه لهذا تنافر الناس عن الموت؛ لزعمهم أنّه فناء ومنافٍ لمحبوبهم الفطري في البقاء». الخزازي، السيّد محسن، بداية المعارف الإلهيّة في شرح عقائد الإماميّة: ج2، ص270.

 

[34] الصدوق، محمّد بن علي، ثواب الأعمال: ص90.

 

[35] النوري، حسين، مستدرك الوسائل: ج10، ص249.

 

[36] هود: الآية 57.

 

[37] اُنظر: الزبيدي، مرتضى، تاج العروس: ج10، ص466ـ 467. واُنظر: عبد المنعم، عبد الرحمن، معجم المصطلحات والألفاظ الفقهيّة: ص577ـ 578.

 

[38] الرعد: الآية 39.

 

[39] ابن قولويه، جعفر بن محمّد، كامل الزيارات: ص260.

 

[40] الطوسي، محمّد بن الحسن، الأمالي: ص317.

 

[41] اُنظر: ابن منظور، محمّد بن مكرم، لسان العرب: ج11، ص11.

 

[42] اُنظر: الزبيدي، مرتضى، تاج العروس: ج14، ص12.

 

[43] اُنظر: الحرّ العاملي، محمّد بن الحسن، الفوائد الطوسيّة: ص460.

 

[44] هناك جملة من الآداب والمستحبّات تُسبّب في زيادة عمر فاعلها، قال الصادق×: «وإن أحببت أن يزيد الله في عمرك فسرّ أبويك». المجلسي، محمّد باقر، بحار الأنوار: ج17، ص81.

 

[45] إنّ لقصر العمر عوامل وأسباباً كثيرةً ذكرتها نصوص أهل البيت^، قال الإمام علي بن الحسين×: «والذنوب التي تعجّل الفناء قطيعة الرحم». البروجردي، حسين، جامع أحاديث الشيعة: ج13، ص379.

 

[46] ذكر السيّد اليزدي مجموعة شرائط لقبول الأعمال، جعلها هي العمدة في ذلك، فقد قال:
(... وعمدة شرائط القبول: إقبال القلب على العمل؛ فإنّه روحه، وهو بمنزلة الجسد، فإن كان حاصلاً في جميعه فتمامه مقبول، وإلّا فبمقداره... ومن موانع القبول أيضاً: حبس الزكاة وسائر الحقوق الواجبة. ومنها: الحسد والكبر والغيبة. ومنها: أكل الحرام وشرب المسكر. ومنها: النشوز والإباق). اليزدي، محمّد كاظم، العروة الوثقى: ج2، ص431ـ432.

 

[47] اُنظر في كلّ ذلك: الحرّ العاملي، محمّد بن الحسن، الفوائد الطوسيّة: ص461ـ462.

 

[48] المنافقون: الآية 11.

 

[49] اُنظر: الشهيد الأوّل، محمّد بن مكّي، القواعد والفوائد: ج2، ص54. الشيرازي، ناصر مكارم، الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل: ج14، ص42 ـ 43.

 

[50] فاطر: الآية 11.

 

[51] السيوري، مقداد بن عبدالله، نضد القواعد الفقهيّة: ص286.

 

[52] الطبرسي، الفضل بن الحسن، تفسير جوامع الجامع: ج3، ص117ـ 118.

 

[53] الحاجة مظهر من مظاهر الافتقار، وهي تعبير عن إرادة الشيء مع عدم القدرة على الإتيان به. وتُصنّف الحاجة بحسب الأشخاص والبيئة، لأجل ذلك تتفاوت الحاجة من شخص إلى آخر. ويصدق مفهوم الحاجة على كلّ ما يحتاجه الإنسان بما في ذلك بعض الآثار الوضعيّة المترتّبة على زيارة الإمام الحسين× التي نحن بصدد ذكرها، وعليه يمكن القول بأنّ بعض الروايات الشريفة التي رتّبت حصول مثل هذه الآثار لزائري الإمام الحسين× لعلّها صرّحت بذكر شيء من مصاديق الحاجة، وبعضها ذكر العنوان أو المفهوم العامّ لها كما في المفردة موضوعة البحث.

       وتُصنّف الحاجة أيضاً إلى دنيويّة وأُخرويّة كما هو معلوم، وبالرغم من أنّنا عقدنا البحث في استقصاء الآثار الوضعيّة المترتّبة على زيارة الإمام الحسين× ونقصد بها ما يترتّب من الآثار الدنيويّة للزائر نتيجة هذه الزيارة، إلّا أنّ الروايات التي سوف نستعرضها في هذا الأثر (قضاء الحاجة) تشمل الآثار الدنيويّة والأُخرويّة؛ لأنّ بعضها ذكر مطلق الحوائج الشامل لهما معاً، وآخر جاء فيه التصريح بذكر الحاجة الدنيويّة والأُخرويّة، وثالث ذكر شيئاً من مصاديق الحاجة ومنها مصاديق أُخرويّة.

[54] ابن فارس، أحمد بن فارس، معجم مقاييس اللغة: ج2، ص114.

 

[55] الراغب الأصفهاني، الحسين بن محمّد، مفردات ألفاظ القرآن: ص263.

 

[56] النوري، حسين، مستدرك الوسائل: ج4، ص325.

 

[57] الحرّ العاملي، محمّد بن الحسن، هداية الأُمّة إلى أحكام الأئمّة: ج3، ص254.

 

[58] الصدوق، محمّد بن علي، ثواب الأعمال: ص90.

 

[59] الطوسي، محمّد بن الحسن، تهذيب الأحكام: ج6، ص51.

 

[60] الطوسي، محمّد بن الحسن، مصباح المتهجّد: ص717 ـ 723.

 

[61] آل عمران: الآية 185.

 

[62] الطوسي، محمّد بن الحسن، التبيان في تفسير القرآن: ج3، ص70.

 

[63] ابن قولويه، جعفر بن محمّد، كامل الزيارات: ص245.

 

[64] المصدر السابق: ص246، وص554.

 

[65] ابن شعبة الحرّاني، الحسن بن علي، تحف العقول عن آل الرسول|: ص365.

 

[66] ابن منظور، محمّد بن مكرم، لسان العرب: ج1، ص193.

 

[67] ابن قولويه، جعفر بن محمّد، كامل الزيارات: ص254.

 

[68] ابن منظور، محمّد بن مكرم، لسان العرب: ج13، ص257.

 

[69] الصدوق، محمّد بن علي، عيون أخبار الرضا×: ج2، ص40.

 

[70] الكليني، محمّد بن يعقوب، الكافي: ج4، ص579.

 

[71] الطوسي، محمّد بن الحسن، تهذيب الأحكام: ج6، ص51.

 

[72] ابن طاووس، علي بن موسى، إقبال الأعمال: ج3، ص314.

 

[73] ابن المشهدي، محمّد بن جعفر، المزار: ص427.

 

[74] الطوسي، محمّد بن الحسن، مصباح المتهجّد: ص716.

 

[75] ابن قولويه، جعفر بن محمّد، كامل الزيارات: ص335.

 

[76] المصدر السابق: ص312.

 

[77] اُنظر: ابن المشهدي، محمّد بن جعفر، المزار: ص344.

 

[78] اُنظر: المفيد، محمّد بن محمّد، المزار: ص34.

 

[79] المجلسي، محمّد باقر، بحار الأنوار: ج98، ص45.

 

[80] اُنظر: النجاشي، أحمد بن علي، فهرست أسماء مصنّفي الشيعة: ص309. الطوسي، محمّد بن الحسن، رجال الطوسي، ص269. الحلّي، الحسن بن يوسف، خلاصة الأقوال، ص228.

 

[81] اُنظر: البرقي، أحمد بن محمّد، رجال البرقي: ص18. النجاشي، أحمد بن علي، فهرست أسماء مصنّفي الشيعة: ص19. الطوسي، محمّد بن الحسن، رجال الطوسي: ص156.

 

[82] الطوسي، محمّد بن الحسن، اختيار معرفة الرجال (رجال الكشي): ج2، ص525.

 

[83] ابن قولويه، جعفر بن محمّد، كامل الزيارات: ص314.

 

[84] الطوسي، محمّد بن الحسن، تهذيب الأحكام: ج6، ص79.

 

[85] القمّي، الشيخ عبّاس، مفاتيح الجنان: ص615 .

 

[86] ابن قولويه، جعفر بن محمّد، كامل الزيارات: ص314 .