العتبة الحسينيةمؤسسة وارث الأنبياء
مخطوطة العتبة الحسينيةمخطوطة وارث الأنبياء
زيارة الإمام الحسين(عليه السلام) خلال العهدين الأُموي والعبّاسي دراسة تأريخية سيكولوجية

زيارة الإمام الحسين(عليه السلام) خلال العهدين الأُموي والعبّاسي دراسة تأريخية سيكولوجية

م. م. محمد هاشم حسين الحمداني - ماجستير في التاريخ الإسلامي ، عضو دائرة المعارف الحسينية/مؤسّسة وارث الأنبياء، العراق

خلاصة المقال

المقدّمة

غذّت كربلاء وشهادة الإمام الحسين× فيها نفوس المؤمنين بالغذاءات الروحية، وكان ذلك عبر الاتّصال بين الإمام الـمُستشهَد في هذه المدينة، والـمُقَدِّم كلّ غالٍ ونفيس في سبيل دين الله، وهداية عباده المؤمنين، وبين محبّيه والمؤمنين بمنهجه، والمتمنّين لأن يكونوا معه في تلك الواقعة الخالدة. من هنا؛ ومن البحث في طبيعة العلاقة بين المحبوب والمحبّ ـ الحسين× ومحبّيه ـ جاء مفهوم الزيارة كمفردة دالّة على ذلك التفاعل المستمرّ بين المثير والاستجابة، كما يُعبّر عن ذلك في علم النفس الحديث.

ولكي يكون البحث أكثر وضوحاً لا بدّ من الغوص ـ بعض الشيء ـ في الماضي، أي استعراض المراحل التاريخية التي مرّت بها زيارة الإمام الحسين×، فكان بحثنا بصورته الإجمالية معنوناً بـ: (زيارة الإمام الحسين× خلال العهدين الأُموي والعبّاسي.. دراسة تاريخية سيكولوجية). وكان سيرنا فيه بدءاً بالبحث التاريخي، وانتهاءً بدراسة الجوانب النفسية للزيارة المباركة، سواء في الأسباب التي أدّت إلى استمرارها عِبْر العصور المختلفة، أم في الانعكاسات النفسية لها.

وبما أنّ تلك الانعكاسات كانت عرضة لتأثيرات سلطات مختلفة ـ أُمويّة وعبّاسيّة وغيرهما ـ لذا كان من المدخلات للدراسة النفسية التعرّض لبعض الأسباب التي كانت تدفع تلك السلطات إلى محاربة الإمام الحسين× وزائريه، ومنعهم من الاستمرار على هذه الظاهرة التي كانت مرعبة للحكّام على اختلاف العصور.

وفي نهاية تقديمنا لا يمكننا أن نزعم أنّنا سنغطّي كلّ جوانب الزيارة المباركة في المجالين التاريخي والنفسي، بل إنّ ما سنتناوله لا يخرج عن كونه إسهامة محدودة متواضعة في بيان بعض التفاصيل التأريخية والانعكاسات النفسية التي كانت الزيارة المباركة محرِّكاً رئيساً لها. هذا؛ والله ولي التوفيق والتسديد.

المبحث الأوّل: نشأة الزيارة تاريخيّاً

في معرض الحديث عن نشأة الزيارة تأريخياً، سنتناول بدايةً أحوال الزيارة المباركة خلال العهد الأُموي؛ وذلك أنّ هذا المفهوم قد ظهر بعد شهادة الإمام الحسين× بفترة وجيزة كما سيتّضح، ثمّ ننتقل إلى واقع الزيارة المباركة خلال العهد العبّاسي، وما شهده من تسلّط أقوام آخرين على العبّاسيين، كالبويهيّين والسلاجقة، ونهاية بالإيلخانيّين، وهذا ما سنُجمل القول فيه على النحو التالي:

أوّلاً: زيارة الإمام الحسين×خلال العهد الأُموي ( (41-132هـ

يمكن القول بأنّ مفهوم زيارة الإمام الحسين× شهد خلال هذا العهد مرحلة التأصيل التأريخي، وفي هذا التأصيل هنالك عدّة محطّات هامّة مرّ بها هذا المفهوم بعد شهادة الإمام الحسين وأهل بيته وأصحابه^ في واقعة كربلاء، ويمكن استعراض تلك المحطّات التأريخية على النحو التالي:

المحطّة الأُولى

بحسب الأخبار التأريخية المنقولة في كتب التاريخ فإنّ أوّل محطّة، أو أوّل حقبة من حقب زيارة الإمام الحسين× كانت بعد شهادته، وشهادة أهل بيته وأصحابه^ بصورة مباشرة، وذلك في الحادثة المشهورة عند مجيء بني أسد إلى الأجساد الطاهرة، ودفنها بحضور الإمام زين العابدين×، وممّا نُقل في هذا المعنى: «ودفن الحسينَ وأصحابَه أهلُ الغاضرية من بني أسد... »[1].

وصرّحَ السيّد ابن طاووس بأنّ بني أسد صلّوا على تلك الجثث المرمّلة بالدماء، قائلاً: «ولـمّا انفصل عمر بن سعد (لع) عن كربلاء، خرج قوم بني أسد فصلّوا على تلك الجثث الطواهر المرمّلة بالدماء، ودفنوها على ما هي الآن عليه»[2].

أمّا فيما يتعلّق بحضور الإمام السجّاد× لدفن الأجساد الطاهرة؛ فإنّ هذا الخبر قد ورد ذكره في عدد من المصادر المهمّة، ومنها: ما ورد في كتاب (أسرار الشهادات): «... فجعلوا ينظرون الجثث في المعركة، فلم يعرفوا جثّة الحسين من بين تلك الجثث؛ لأنّها بلا رؤوس، وقد غيّرتها الشموس، فبينا هم كذلك وإذا بفارس مقبل إليهم حتّى قاربهم، قال: ما بالكم؟ قالوا: إنّا أتينا لنواري جثّة الحسين وجثث وِلْده وأنصاره، ولم نعرف جثّة الحسين، فلمّا سمع ذلك حنّ وأنَّ وجعل ينادي: وا أبتاه، وا أبا عبد الله، ليتك حاضراً[3] وتراني أسيراً ذليلاً. ثمّ قال لهم: أنا أُرشدكم إليه»[4].

أمّا السيّد المقرّم فأورد حول دفن الإمام السجّاد× لأجساد شهداء كربلاء: «وفي اليوم الثالث عشر من المحرّم، أقبل زين العابدين لدفن أبيه الشهيد×؛ لأنّ الإمام لا يلي أمره إلّا إمام مثله... ولـمّا أقبل السجّاد× وجد بني أسد مجتمعين عند القتلى متحيِّرين لا يدرون ما يصنعون، ولم يهتدوا إلى معرفتهم، وقد فرّق القوم بين رؤوسهم وأبدانهم... فأخبرهم× عمّا جاء إليه من مواراة هذه الجسوم الطاهرة، وأوقفهم على أسمائهم، كما عرّفهم بالهاشميّين من الأصحاب»[5].

وبهذا تكون هذه الحادثة هي أوّل محطّة لزائري الإمام الحسين× بعد شهادته ومدفنه بصورة مباشرة، وهذه المحطّة ـ كما تقدّم ـ مشهودة بوجود الإمام المعصوم×، وهي أساس ما سيتبعها من محطّات تأريخية.

المحطّة الثانية

أمّا المحطّة التأريخية الثانية في زيارة الإمام الحسين× بحسب المصادر التأريخية، فهي ما عُرفتْ واُصطلح عليها بزيارة الأربعين المباركة، فقد نقل في (اللهوف) ما نصّه: «لـمّا رجع نساء الحسين× وعياله من الشام، وبلغوا العراق، قالوا للدليل: مُر بنا على طريق كربلاء. فوصلوا إلى موضع المصرع، فوجدوا جابر بن عبد الله الأنصاري&، وجماعة من بنى هاشم، ورجالاً من آل رسول الله قد وردوا لزيارة قبر الحسين×، فوافوا وقت واحد، وتلاقوا بالبكاء والحزن واللطم، وأقاموا المآتم المقرحة للأكباد، واجتمع إليهم نساء ذلك السواد، فأقاموا على ذلك أيّاماً»[6].

وقد ورد التأكيد على هذه الزيارة المباركة واعتبارها علامةً من علامات المؤمنين، فعن الإمام الحسن بن علي العسكري×: «علامات المؤمنين خمس: صلاة الإحدى والخمسين، وزيارة الأربعين، والتختّم في اليمين، وتعفير الجبين، والجهر ببسم الله الرحمن الرحيم»[7].

وعليه؛ فهذه المحطّة التأريخية من محطّات الزيارة ـ مضافاً إلى ما لها من قيمة تأريخية، وواقعية في نفوس محبّي أهل البيت^؛ باعتبار أنّ مَن زار الإمام الحسين× فيها هم أهل بيته وعياله الأُسارى ـ لها شاهد من كلام الإمام المعصوم×.

المحطّة الثالثة

المحطّة الأُخرى من محطّات زيارة الإمام الحسين× كانت في عهد ثورة التوّابين، التي يسرد الطبري تفاصيلها بشكل دقيق، ومن جملة ما أورده في تاريخ قيامها، أنّه قال: «كان أوّل ما ابتدعوا به من أمرهم سنة (61)، وهي السنة التي قُتِل فيها الحسينE، فلم يزل القوم في جمع آلة الحرب والاستعداد للقتال، ودعاء الناس في السرّ من الشيعة وغيرها إلى الطلب بدم الحسين، فكان يُجيبهم القوم بعد القوم، والنفر بعد النفر، فلم يزالوا كذلك وفي ذلك حتّى مات يزيد بن معاوية»[8].

وينقل ابن أعثم الكوفي زيارتهم لقبر الإمام الحسين× قائلاً: «وسار القوم من ليلتهم تلك إلى أن أصبحوا [و] أشرفوا على قبر الحسين بن عليG، فلمّا عاينوه رفعوا أصواتهم بالبكاء والنحيب، ثمّ إنّهم رموا أنفسهم عن دوابّهم وجعلوا يقولون: اللّهمّ، إنّا خذلنا ابن بنت نبيِّنا، وقد أسأنا وأخطأنا، فاغفر لنا ما قد مضى من ذنوبنا، وتُب علينا إنّك أنت التوّاب الرحيم. اللّهمّ، ارحم الحسين الشهيد ابن الشهيد، وارحم إخواننا الذين حصّنوا أنفسهم بالشهادة. اللّهمّ، إن لم تغفر لنا وترحمنا لنكوننّ من الخاسرين»[9].

وعليه؛ فهذه المحطّة من محطّات الزيارة المباركة ذُكرت في أُمّهات المصادر الإسلامية، وهي تدلّ على ارتباط مفهوم الزيارة بالحركات الشيعية المعارضة للسلطة الأُموية.

المحطّة الرابعة

وهناك محطّة أُخرى من محطّات زيارة الإمام الحسين×، وهي حاصلة وقت ثورة المختار بن أبي عبيدة الثقفي، التي استمرّت أحداثها حتّى عام 67هـ[10]، والتي من جملتها أنّ المختار عندما فارق عبد الله بن الزبير، ورجع من مكّة ووصل إلى القادسية، اتّجه منها إلى كربلاء، ثمّ اغتسل ولبس ثياب الزيارة، فلمّا دنا من القبر انكب عليه، معتنقاً له باكياً، ومجدّداً له العهد للانتقام، وقتل مَن قتلهم وسفك دماءهم، فقال: «يا سيّدي، آليتُ بجدِّك المصطفى، وأبيك المرتضى، وأُمّك الزهراء، وأخيك الحسن المجتبى، ومَن قُتِل معك من أهل بيتك وشيعتك في كربلاء، لا أكلت طيّب الطعام، ولا شربت لذيذ الشراب، ولا نمت على وطئ المهاد، ولا خلعت عن جسدي هذه الأبراد، حتّى انتقم لك ممّن قتلك، أو أُقتَل كما قُتِلت، فقبّح الله العيش بعدك»[11].

فيما تقدّم أهمّ ملامح الزيارة المباركة خلال العصر الأُموي، وعلى الرغم من أنّنا لا نقدر أن نجزم بأنّ هذه الحقب أو المحطّات كانت هي الوحيدة خلال هذا العصر، إلّا أنّ المصادر التأريخية لا تسعف المتتبّع بأخبار أكثر حول تكرّر زيارة الإمام الحسين× في ذلك الزمان؛ الأمر الذي له مبرّرات تتعلّق بطبيعة السلطة الأُموية وتضييقها من اتّساع رقعة القضية الحسينيّة من جانب، ومن جانب آخر فإنّ المصادر التأريخية لا تهتمّ عادةً إلّا بنقل الأحداث ذات الطابع السياسي، أو التي لها شهرة تأريخية، وأمّا الأخبار الفريدة، أو التي ليس لها وقع سياسي مهمّ، فتكاد التغطية التأريخية تنعدم بخصوصها.

وعليه؛ فمَن الـمُسلّم به أنّ هناك أحداثاً أُخرى تتعلّق بزيارة الإمام الحسين× خلال العصر الأُموي، إلّا أنّ تلك الأخبار لم تصل إلينا؛ للأسباب المتقدِّمة.

ثانياً: زيارة الإمام الحسين× خلال العهد العبّاسي (132-656) هـ

في أحوال الزيارة المباركة خلال العصر العبّاسي (132-656هـ)، يمكن عرض أهمّ المحطّات التأريخية التي مرّت بها على النحو التالي:

سيطر العبّاسيون على الحكم، وجرى ذلك بشعار قريب جدّاً من أهل البيت^، وهو شعار (الرضا من آل محمّد)، الذي يحمل كثيراً من الإيحاءات الدالّة على ادّعائهم القرب من أهل البيت× قبل انقلابهم على ذلك بخطوات عديدة[12].

فمّما تعرّضت له زيارة الإمام الحسين× المباركة في العهد العبّاسي جملة من حملات القمع والمنع، سوى بعض الفترات التي حصل فيها شيعة أهل البيت^ على الرخصة في ذلك، أو قُل: التغاضي عنهم، والسماح لهم بممارسة عقائدهم الدينية بشيء من الحرّية المحدودة، وسنجمل القول في كلا الحالين حسب التسلسل التأريخي لحكّام بني العبّاس على النحو التالي:

لـمّا استولى العبّاسيون على زمام الأُمور، وتمكّنوا من سحق خصومهم الأُمويين، سعوا إلى التقرّب إلى العلويّين، وخصوصاً في عهد خلافة أبي العبّاس السفّاح (132-136هـ)، الذي فسح المجال أمام الشيعة لزيارة الإمام الحسين×.

 لكنّ هذا الأمر اختلف في عهد خلافة المنصور العبّاسي (136-158هـ)؛ حيث أعلن الحكّام العبّاسيون عداءهم للعلويّين، وقاموا بالتضييق عليهم[13]، ولهذا أسباب سياسية تتعلّق ببروز الخلاف بين العلويّين والعبّاسيين، فمن جملة ما حصل في عهد هذا الحاكم هو تنكيله بآل الحسن^ بعد ثورة محمد بن عبد الله بن الحسن بالمدينة[14]، وأخيه إبراهيم الذي ثار من بعده بالبصرة، ولـمّا انتهت هذه الثورة تفرّغ هذا الحاكم للتنكيل بأهل البيت^. وقد نقل الأصفهاني في هذا نصوصاً، منها: «كان أبو جعفر إذا اتّهم أحداً من أهل الكوفة بالميل إلى إبراهيم أمر أبي سلما بطلبه، فكان يمهل حتّى إذا غسق الليل وهدأ الناس، نصب سُلّماً على منزل الرجل فطرقه في بيته، فيقتله ويأخذ خاتمه»[15].

وقد لخّص الشهرستاني ما تعرّض له زائرو قبر الإمام الحسين× خلال عهد المنصور العبّاسي بالقول: «وكان من بين الذين يمكن أن نجعلهم في مقدِّمة الخلفاء العبّاسيين في ذلك هو أبو جعفر المنصور الدوانيقي، الذي كان أوّل ما أمر به هو هدم قبر الحسين×، ومنع الزوّار من زيارته، وإقامة المآتم والمناحات حوله وفي الجهات الأُخرى»[16].

أمّا في عهد الرشيد (170-193هـ)، فهنالك خبران متعلّقان بمرقد الإمام الحسين×، الأوّل ما نقله الطبري، وهو: «بعث الرشيد إلى ابن أبي داود والذين يخدمون قبر الحسن بن علي في الحير، قال: فأتى بهم. فنظر إليه الحسن بن راشد وقال: ما لك؟ قال: بعث إليّ هذا الرجل ـ يعني الرشيد ـ فأحضرني، ولست آمنه على نفسي. قال له: فإذا دخلت عليه فسألك، فقل له: الحسن بن راشد وضعني في ذلك الموضع. فلمّا دخل عليه قال هذا القول. قال: ما أخلق أن يكون هذا من تخليط الحسن، احضروه. قال: فلمّا حضر قال: ما حملك على أن صيّرت هذا الرجل في الحير؟ قال: رحم الله مَن صيّره في الحير، أمرتني أُمّ موسى أن أُصيِّره فيه، وأن أجري عليه في كلِّ شهر ثلاثين درهماً. فقال: ردّوه إلى الحير، وأجروا عليه ما أجرته أُمّ موسى. وأُمّ موسى هي أُمّ المهدي ابنة يزيد بن منصور»[17].

أمّا الخبر الثاني فينقله الشيخ الطوسي بسنده إلى يحيى بن المغيرة الرازي، أنّه قال: «كنت عند جرير بن عبد الحميد إذ جاءه رجل من أهل العراق، فسأله جرير عن خبر الناس؟ فقال: تركت الرشيد وقد كرب قبر الحسين×، وأمر أن تُقطع السدرة التي فيه، فقُطعت. قال: فرفع جرير يديه، فقال: الله أكبر، جاءنا فيه حديث عن رسول الله| أنّه قال: لعن الله قاطع السدرة، ثلاثاً، فلم نقف على معناه حتّى الآن؛ لأنّ القصد بقطعه تغيير مصرع الحسين×؛ حتّى لا يقف الناس على قبره»[18].

وهذا الاختلاف بين الخبرين في سيرة الرشيد وسلوكه تجاه قبر الإمام الحسين×، يمكن أن يكون راجعاً إلى مجاراة الرشيد لما قامت به أُمّ المهدي، وهذا ليس غريباً؛ فقد نُقل تأثّر بعض نساء القصر العبّاسي بأهل البيت^ وتقديسهم، وإهداء الهدايا والنذور لمراقدهم.

أمّا عهد المتوكِّل العبّاسي (232-247هـ)، فكان أبرز مصداق للتعبير عن تلك السياسة الرامية إلى طمس معالم الثورة الحسينيّة، والقضاء على معلم ضريح الإمام الحسين×، وهذا ما نقلته المصادر بصراحة من أنّ هذا الحاكم العبّاسي كان شديد العداء لأهل البيت^، وكان سابّاً لهم، ولأُمِّهم السيّدة فاطمة الزهراء’.

وقد نقل المهتمّين بمناقب أهل البيت^ أنّ هذا الأمر كان سبباً في قتله على يد ولده المنتصر، فقد ورد في (المناقب): «إنّ المنتصر سمع أباه يشتم فاطمة، فسأل عالماً عن ذلك فقال: قد وجّبت عليه القتل، إلّا أنّ مَن قتل أباه لم يطل عمره. فقال: لا أُبالي إذا أطعت الله بقتله ألّا يطول في قتله عمري. وكان جميع ذلك في يومين»[19].

على أيّ حال، فقد تعرّض مرقد الإمام الحسين× وزائروه في عهد هذا الحاكم إلى أشدّ حملة من حملات العبّاسيين، وقد رصدت المصادر هذه الحملة، ومنها ما جاء في (تاريخ الطبري): «أمر المتوكِّل بهدم قبر الحسين بن عليّ، وهدم ما حوله من المنازل والدور، وأن يُحرث ويُبذر ويُسقى موضع قبره، وأن يُمنع الناس من إتيانه. فذكر أنّ عامل صاحب الشرطة نادى في الناحية: مَن وجدناه عند قبره بعد ثلاثة بعثنا به إلى المطبق. فهرب الناس وامتنعوا من المصير إليه، وحُرِث ذلك الموضع وزُرِع ما حواليه»[20].

والذي قاد حملة المتوكِّل على المرقد الشريف هو الطاهر إبراهيم الديزج، الذي يقول: «بعثني المتوكِّل إلى كربلاء لتغيير قبر الحسين×، وكتب معي إلى جعفر بن محمد ابن عمّار القاضي: أُعلمك أنّي قد بعثت إبراهيم الديزج إلى كربلاء لنبش قبر الحسين، فإذا قرأت كتابي فقف على الأمر حتّى تعرف فعل أو لم يفعل. قال الديزج: فعرّفني جعفر بن محمد بن عمّار ما كُتب به إليه، ففعلت ما أمرني به جعفر بن محمد بن عمّار، ثمّ أتيته، فقال لي: ما صنعت؟ فقلت: قد فعلت ما أُمرت به، فلم أرَ شيئاً، ولم أجد شيئاً. فقال لي: أفلا عمّقته؟ قلت: قد فعلت وما رأيت. فكتب إلى السلطان: إنّ إبراهيم الديزج قد نبش فلم يجد شيئاً، وأمرته فمخره بالماء، وكربه بالبقر.

قال أبو علي العماري: فحدّثني إبراهيم الديزج، وسألته عن صورة الأمر، فقال لي: أتيت في خاصّة غلماني فقط، وإنّي نبشت فوجدت بارية جديدة وعليها بدن الحسين بن علي، ووجدت منه رائحة المسك، فتركت البارية على حالتها، وبدن الحسين على البارية، وأمرت بطرح التراب عليه، وأطلقت عليه الماء، وأمرت بالبقر لتمخره وتحرثه، فلم تطأه البقر، وكانت إذا جاءت إلى الموضع رجعت عنه، فحلفت لغلماني بالله وبالأيمان المغلّظة لئن ذكر أحد هذا لأقتلنّه»[21].

وينقل المؤرِّخون أنّ عهد المتوكِّل العبّاسي شهد حملتين لهدم مرقد الإمام الحسين×[22]، وهو يدلّ على شدّة هذا الحاكم وحقده على هذا المرقد المطهّر؛ لما يمثّله من أهمّية في نفوس محبِّي أهل البيت^، وبالتالي فهو يمثِّل تهديداً لسلطانه الدنيوي الزائل.

وما دمنا في معرض الحديث عن واقع الزيارة والقبر الشريف خلال العصر العبّاسي، لا بأس أن نُشير إلى بعض الحكّام العبّاسيين الذين زاروا المرقد الطاهر، ومن هذا ـ مثلاً ـ ما نقله ابن الجوزي في (المنتظم): «وفي ربيع الآخر خرج أمير المؤمنين بقصد الأنبار، وعبر الفرات، وزار قبر الحسين×، ومضى إلى واسط ودخل سوقها، وعاد إلى بغداد»[23]. والمعني بهذا الحديث هو المقتفي لأمر الله العبّاسي، الذي دام حكمه من (530هـ) إلى (555هـ).

كما نُقل أيضاً أنّ في هذا العصر شهد مرقد الإمام الحسين× زيارة عدد من الأُمراء والولاة، ومنهم أبو طاهر الجنابي القرمطي، الذي زار الحائر الحسيني في عام (313هـ)، وطاف حول القبر مع أتباعه، وآمن أهل الحائر ولم يمسّهم بمكروه[24].

وفي عام (334هـ) كانت سيطرة البويهيّين على بغداد، واستمرّوا حتّى عام (447هـ)، وكان لهذا الحدث أثر كبير في انتعاش زيارة الإمام الحسين×؛ فممّا نُقل من أحداث هذا العصر أنّ السلاطين البويهيّين سمحوا بإقامة العزاء على الإمام×، بل ساهموا بذلك، ومنهم معزّ الدولة البويهي الذي كانت له أوامر بهذا الخصوص[25].

وفي سنة (٥١٣هـ) زار كربلاء الأمير دبيس بن صدقة[26]، الذي ملك الحلّة بعد والده وحكمها زهاء ١٧ عاماً، حيث نُقل أنّه قصد كربلاء ودخل الحائر الحسيني باكياً حافياً متضرّعاً إلى الله أن يمنّ عليه بالتوفيق وينصره على أعدائه[27].

إذاً؛ هذه نبذة تاريخية سريعة عن زيارة الإمام الحسين× خلال العصر العبّاسي الذي استمرّ أكثر من خمسة قرون، وشهد الكثير من الأحداث المتّصلة بواقع زيارة الإمام الحسين×.

المبحث الثاني: دراسة نفسية لزيارة الإمام الحسين× في العهدين الأُموي والعبّاسي

هناك عدّة عوامل نفسية (سيكولوجية) في التأصيل النفسي لزيارة الإمام الحسين× ساهمت في إثراء هذه الزيارة، وجعلتها أشدّ مقاومة، رغم المنع والتنكيل اللذين تعرّض لهما شيعة أهل البيت^ خلال العهدين الأُموي والعبّاسي؛ ومن هنا جاء هذا المبحث مخصّصاً للبحث في الأثر النفسي لزيارة الإمام×، ويمكن عرض ما يتعلّق بهذه الدراسة على مستويين، هما:

أوّلاً: الأسباب النفسية(السيكولوجية) لتطوّر ظاهرة زيارة الإمام الحسين×

وفي هذا المطلب سنبحث عن مجموعة من الأسباب التي ساهمت في تطوّر هذه الظاهرة، وهي:

1ـ المقاومة

يذكر ابن منظور في بيان معنى القيام أنّه: «نقيض الجلوس، [وأنّه من] قام يقوم قوماً وقياماً»[28].

أمّا في علم النفس الحديث فهي: «القدرة على تحقيق نتائج إيجابية على الرغم من الضغوط التي يمرّ بها الفرد، والقدرة على التعافي بعد مواجهة الصعوبات والضغوط؛ وذلك من خلال تغييرها، أو تخطّيها، أو التوافق معها، أو التعايش معها»[29].

وانطلاقاً من التعريفين المتقدّمين؛ فإنّ هناك سبباً نفسيّاً (سيكولوجيّاً) ساهم في حفظ الزيارة المباركة رغم كلّ الضغوط التي مارستها السلطتان الأُموية والعبّاسي ة، والتي كانت تعوّل على زرع الخوف ـ الذي عُرِّف بأنّه: «شعور يصيب عقل الإنسان المترقب لحدوث أمر سلبي له خطر معين»[30] ـ في نفوس الزائرين، وذلك السبب هو أنّ تلك الضغوط أنتجت ردّة فعل عكسية، وصارت سبباً في إيجاد نموذج التحدّي الذي يمثِّل «شكل العلاقة بين عوامل الاستهداف وبين النتائج المترتّبة عليها،
كما يفترض النموذج أنّ هناك ارتباطاً عالياً بين تعرّض الفرد للدرجات المرتفعة أو المنخفضة من عوامل الاستهداف، وبين حدوث مشكلات نفسية وسلوكية، فهناك بعض الحالات التي يتعرّض فيها الأفراد لبعض الضغوط أو المنغصّات التي يمكن أن تساعدهم في تحقيق نجاح غير متوقّع»
[31].

وكما قدّمنا؛ فإنّ الأُمويين ـ ومنذ وقت مبكّر بعد حادثة شهادة الإمام× ـ سعوا بكلِّ الطرق إلى قطع العلاقة بينه× وبين شيعته ومحبِّيه، غير أنّ هذا لم يثمر بفضل دوافع نفسية كانت ترى أنّ مقاومة تلك الإجراءات السلطوية وتحدِّيها أمر محتوم عند كلِّ فرصة، وهذا ما تحقّق في خروج التوّابين إلى قبر الإمام الحسين×، وفي قيام المختار، وفي غيرهما من المناسبات.

2ـ الإصرار والعزيمة

الإصرار في اللغة هو: «مداومة الشيء وملازمته، والثبوت عليه»[32].

أمّا في الاصطلاح فهو «العزم بالقلب على الأمر وعلى ترك الإقلاع عنه»[33].

والعزيمة هي: «ما عزمت عليه، قال الخثعمي:

عزمت على إقامة ذي صباح            لشيء ما يسوّد من يسود»[34].

أمّا في علم النفس فـ«العزيمة والإصرار هي الأساس في زيادة فرص نجاح الفرد في شيء معيّن، كما أنّ العزيمة تُبقي الإنسان متحمِّساً لمواصلة السعي وراء الهدف الذي يريد تحقيقه»[35].

ولكي تتحقّق العزيمة فلا بدّ أن تكون هنالك رغبة متواصلة لتحقيق النجاح، ولا بدّ أن يكون هناك دافع يحثّ على تقوية العزيمة والإرادة، ولكنّ ذلك يحتاج إلى أن يقوم الشخص بخطوات تساعده على الوصول إلى الهدف[36].

وبناءً على التعريفات المتقدِّمة للإصرار والعزيمة؛ فإنّ عنصر المقاومة المتقدِّم لم يكن وحده كافياً لمواصلة مسيرة الزيارة المباركة، بل هنالك عناصر أُخرى ساهمت في ديمومة هذه الظاهرة أو الشعيرة، ومنها العزيمة المتواصلة والمستمرّة على الخطّ الثابت لهذه المقاومة رغم كلّ التحدّيات التي تقدّمت الإشارة إليها. وبطبيعة الحال؛ هذا لا يتحقّق إلّا بالإرادة القويّة التي إذا ما فُقدت أدّى ذلك إلى الاضطراب وفقدان القدرة على التفكير والفعل، وهي من الحالات المرضية النفسية (السيكولوجية)[37].

كما أنّ الزائرين بهذه العزيمة تخلّصوا من الكبت، وهو دفاع من الدفاعات النفسية، ويعني: «إبعاد الدوافع والأفكار المؤلمة أو المحزنة أو المخيفة ـ المؤدّية إلى القلق ـ من حيز الشعور إلى حيز اللاشعور»[38].

3ـ الرفض

الرفض كمصطلح جاء من أصل لغوي بمعنى الترك، فهو كما عند الفيروزآبادي: «رَفَضَهُ يَرْفِضُهُ ويَرْفُضُهُ رَفْضاً ورَفَضاً: تركه. رَفَضَ الإِبِلَ: تَرَكَها تَتَبدَّدُ في مَرْعاها، كأرْفَضَهَا، فَرَفَضَتْ هي رُفوضاً: رَعَتْ وحْدَهَا، والراعي يَنْظُرُ إليها وهي إبِلٌ رافِضَةٌ»[39].

أمّا في علم النفس فالرفض يعني: عدم تقبُّل الحقيقة أو الواقع، وهو من الدفاعات النفسية[40].

وخلال عهدي السلطتين الأُموية والعبّاسية كان الرفض لواقع الزيارة واضحاً في أكثر من مدلول؛ فلم يتقبّل حكّام الجور آنذاك زوّار الإمام الحسين×، وشدّة تعلّقهم به. هذا من جانب، ومن جانب آخر كان الرفض حاضراً وبقوّة للإجراءات المتّخذة ضدّ الزائرين.

4ـ المواساة

أورد الجوهري في مادّة (أسا): «والأسوء، على فعول: دواء تأسو به الجرح. وقد أسوت الجرح أسوه أسواً، أي داويته، فهو مأسو. وأسى ـ أيضاً ـ على فعيل. ومنه قول الشاعر: أسى على أُمّ الدماغ حجيج»[41].

وورد عن أبي عبد الله× بطريق محمد بن مسلم: «قلت له: إذا خرجنا إلى أبيك أفلسنا في حجّ؟ قال: بلى. قلت: فيلزمنا ما يلزم الحاجّ. قال: ماذا؟ قلت: من الأشياء التي يلزم الحاجّ. قال: يلزمك حسن الصحابة لـمَن يصحبك... ويلزمك أن تعود إلى أهل الحاجة من إخوانك إذا رأيت منقطعاً، والمواساة...»[42]. فهنا يحثّ الإمام× على المواساة بين المؤمنين بقضاء حوائجهم بعد العودة من الزيارة.

كما تبرز المواساة في كونها سبباً في استمرارية الزيارة المباركة بمواساة المؤمنين من محبِّي أهل البيت^ للإمام الحسين× على ما جرى علیه يوم عاشوراء، وهذا ما يُلمس ـ بوضوح ـ في تكرّر ظاهرة الزيارة والبكاء والطواف حول قبر الإمام× خلال العصرين المذكورين.

وهذا المعنى نجده في نصوص الزيارة؛ فقد ورد في زيارة الإمام الحسين×: «بأَبي أَنتَ وَأُمي يا ابن رسولِ الله، بأبي أنت وأُمّي يا أبا عبد الله، لقد عظمت الرزية وجلّت المصيبة بك علينا، وعلى جميع أهل السماوات والأرض»[43]. وفي هذا المقطع من الزيارة المباركة يتّضح حجم المواساة التي يكرّرها الزائرون للمرقد الطاهر.

ويمكن أن يُدّعى أنّ من أوجه الترابط بين الحدث التأريخي والمجال النفسي في هذه النقطة، هو أنّ بعض شيعة أهل البيت^ كانوا يبحثون من خلال هذه العبارات الدالّة على مواساتهم لأهل البيت^ عمّا عُرف في علم النفس بالتعويض، الذي يعني من بين ما يعنيه: محاولة النجاح في ميدان ما قد أخفَقَ الشخص فيه أو عجز[44]، وهذا ما يظهر جليّاً في حركتي التوّابين والمختار؛ فكان الشعور فيهما بالذنب عظيماً. كما يمكن أن ينطبق هذا المعنى على غير هاتين الحركتين من مظاهر الزيارة المباركة عبر التأريخ.

ولكن يبقى هذا الوجه من الترابط بحاجة إلى دليل ناهض؛ وذلك لتضمّنه ما لا ينسجم مع فلسفة الزيارة بمفهومها العامّ عند الشيعة.

5ـ التوسّل

«الوسيلة: ما يُتقرّب به إلى الغير، والجمع الوسيل و الوسائل»[45].

«وهي في الأصل ما يتوصّل به إلى الشيء ويتقرّب به... وقيل: هي الشفاعة يوم القيامة. وقيل: هي منزلة من منازل الجنّة»[46].

الأمر المهمّ والأبرز في مسألة التوسّل وكونه من الأسباب التي ادّت إلى استمرارية الزيارة المباركة، هو أنّ التوسّل يعبِّر عن حاجة عند زائري الإمام الحسين×، وهذا ما يُعبّر عنه في علم النفس بالحافز[47]، أي أنّ الزائرين بحاجة إلى التقرّب إلى الله تعالى بواسطة أهل البيت^؛ وبالتالي فإنّ هذه الحاجة ـ أو طلب المساعدة ـ جعلت المحبِّين لأهل البيت^ على اتّصال دائم بمقاماتهم^، والتوسّل بهم إلى الله تعالى، الأمر الذي جعل تلك المقامات المقدّسة ـ ومنها مقام الإمام الحسين× ـ تضجّ بجموع الزائرين منذ فترات تأريخية مبكّرة.

ثانياً: الآثار النفسية (السيكولوجية) المكتسبة من زيارة الإمام الحسين×

هناك جملة من الآثار النفسية التي يحصل عليها زائر الإمام الحسين×، يمكن عرض أهمّها على النحو التالي:

1ـ الطمأنينة

وهي: «السكون، واطْمَأَنَّ الرجل اطْمِئناناً وطُمَأْنينة أَي سَكَن... وقوله: (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ)[48]، معناه: إذا ذُكِر الله بوحدانيّته آمنوا به غير شاكِّين. وقوله تعالى: (قُلْ لَوْ كَانَ فِي الْأَرْضِ مَلَائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ)[49]، قال الزجّاج: معناه: مُسْتَوْطِنين في الأَرض. واطْمَأَنَّت الأَرضُ وتَطَأْمَنَتْ: انخفضت»[50]. هذا ما يتعلّق بأصل مفردة الطمأنينة في اللغة.

أمّا في علم النفس فوردت لها عدّة تعريفات، منها: أنّها شعور الفرد بتقبّل الذات والآخرين، والتحرّر من الاعتمادية والخوف والتردّد. ووضوح الأهداف من أهمّ أسباب الطمأنينة، وعكس ذلك يؤدّي إلى عدم الشعور بالطمأنينة النفسية.

أو هي قدرة الفرد على مواجهة تحدّيات الحياة المختلفة، وقدرته على التعامل معها والتحكّم فيها، وشعوره بالأمن والاستقرار والحماية، وإشباع حاجياته الانفعالية والاجتماعية والروحية والسلامة النفسية[51].

فالطمأنينة هي إحدى الآثار التي يحصل عليها الزائر لمراقد الأئمّة الأطهار، فممّا ورد في زيارة أمير المؤمنين×: «اللّهمّ، فاجعل نفسي مطمئنة بقدرك، راضية بقضائك، مولعة بذكرك ودعائك، محبّة لصفوة أوليائك»[52].

وتؤدّي شعيرة الزيارة دوراً بنّاءً في ترسيخ الطمأنينة في نفوس الزائرين، وخصوصاً في مظاهرها الكبرى، ومواسم ذروتها، كزيارة الأربعين التي يشعر خلالها الزائرون بالاطمئنان، وأنّهم بأمان من الأخطار التي تُحيط بهم وتهدّد شعائرهم ومنها الزيارة[53].

وانطلاقاً من التعريف النفسي (السيكولوجي) المتقدّم لمفهوم الطمأنينة، يمكن القول بأنّ مواسم الزيارة المباركة توفِّر أجواءً من الاطمئنان لكلّ الزائرين بمختلف مستوياتهم الاجتماعية، وهذا ما يتّضح من شعورهم بالأمن والاستقرار والحماية، وإشباع حاجاتهم الانفعالية والاجتماعية والروحية والسلامة النفسية.

2ـ البذل والعطاء

«البذل نقيض المنع، وكلّ مَن طابت نفسه لشيء فهو باذل»[54].

وأمّا العطاء فهو من «عطا: العَطْوُ: التَّناوُلُ، يُقال منه: عَطَوْت أَعْطُو. وفي حديث أبي هريرة: أَرْبَى الرِّبا عَطْوُ الرجُلِ عِرْضَ أَخِيه بغَير حَقٍّ، أَي تَناوُلُه بالذَّمِّ ونحوه... وعَطا الشيءَ وعَطا إِليه عَطْواً: تَناوَله»[55].

والعطاء والبذل من الصفات الأخلاقية الحسنة، وبهما تتحقّق المنفعة للآخرين، وهما من علامات البرّ، يقول تعالى: (لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ)[56]. كما أنّ العطاء في علم النفس لا تنحصر نتائجه على المحتاجين، بل على المعطين أيضاً، وهو معاكس تماماً للأنانية والبخل، فهو نوع من الكرم والخلق الرفيع؛ إذ إنّه لا يرتبط بأيّة توقّعات شخصية[57].

ومن هنا؛ فإنّ عنصر العطاء أو البذل الذي يظهر في زيارة الإمام الحسين× هو غير محدّد بمَن يأتي للزيارة، أو يحصل على البذل من الزائرين، سواء فيما يتعلّق بالطعام، أم الشراب، أم المسكن، أم غيرها، بل يرتبط بوصول الشخص الباذل إلى مستوىً من الصفات الأخلاقية الحميدة، والاستقرار النفسي الذي يمكّنه من ممارسة هذه الصفة، وهذا بطبيعة الحال راجع إلى المردودات النافعة التي غذّت بها الزيارة المباركة أبناء المجتمع.

3ـ الصبر

عُرِّف الصبر: بأنّه «حبس النفس على ما يقتضيه العقل والشرع... فالصبر لفظ عامّ، وربّما خولف بين أسمائه بحسب اختلاف مواقعه، فإن كان حبس النفس لمصيبة سُمّي صبراً لا غير، ويُضَادُّه الجزع»[58].

والصبر في علم النفس: هو «القدرة على اتّخاذ القرارات السليمة في وقت المشكلة بوثوق وذكاء ودراية؛ للظفر بمكافأة صغيرة في الأجل القصير، أو مكافأة أكثر قيمة على المدى الطويل»[59].

وفي معرض الحديث عن الصبر كأثر من آثار زيارة الإمام الحسين×، يمكن أن نشير إلى أنّ ما تعرّضت له هذه الشعيرة من تحدّيات، جعلت الزائرين بأمسّ الحاجة الى هذا المفهوم؛ وذلك من أجل ديمومتها واستمرارها عبر العصور، فالتخلّص من اضطهاد السلطات للزائرين ـ الذي عرضنا له في الصفحات السابقة ـ بحاجة إلى التحمّل والصبر.

هذا من جانب، ومن جانب آخر؛ فقد كان للبُعد الجغرافي والمعوّقات التي يتعرّض لها الزائر أثناء الطريق أثر واضح في الحاجة لهذا المفهوم.

إذاً ـ بطبيعة الحال ـ كان للزيارة المباركة أثر واضح في التربية الروحية لدى الزائرين؛ ممّا جعلهم يتمتّعون بقدر كبير من الصبر على تلك المصاعب.

4ـ التماسك والترابط الاجتماعي والثقافي

من بين الآثار التي أوجدتها زيارة الإمام الحسين× في المجتمع خلال العهدين، هو التماسك أو الترابط الاجتماعي والثقافي، وفيما يلي نذكر تعريف هذا المصطلح، ثمّ نبيّن آثار الزيارة في الترابط بين محبّي وشيعة أهل البيت^:

عرّف علم النفس الحديث التواصل: بأنّه «قدرة عقلية معرفية تميِّز الإنسان. والتواصل هو عملية التفاعل بين الأشخاص بمختلف الأساليب، مثل الإشارات والإيماءات، وتعبيرات الوجه، وحركات اليدين، والتعبيرات الانفعالية واللغة؛ وذلك بهدف تبادل المعلومات والأفكار والتعبير عن الحاجات والرغبات، ولكي يتمّ ذلك لا بدّ من وجود مرسِّل للمعلومات ومستقبِل لها... والرسالة ممكن أن تكون شفوية أو غير شفوية»[60].

كما عرّف التكامل: بأنّه «انتظام وحدات صغيرة في وحدة أكبر، أو اندماج عناصر مختلفة معاً لتكوين شيء أكبر»[61].

والذي نريد الوصول إليه من التعريفين (التواصل والتكامل) هو أنّ زيارة الإمام الحسين×، وما عرض على المؤمنين خلال العهدين الأُموي والعبّاسي من اضطهاد ومنع وغير ذلك من الأساليب التي اتُّخذت بحقِّهم لمنعهم من الزيارة، قد خلقت منهم كياناً منسجماً مترابطاً فكرياً وسلوكياً. والسلوك في علم النفس: هو «أيّ نشاط جسمي، عقلي، اجتماعي، أو انفعالي، يصدر عن الكائن الحي؛ نتيجة لعلاقة ديناميكية، وتفاعل بينه وبين البيئة المحيطة به، والسلوك عبارة عن استجابة أو استجابات لمثيرات معيّنة»[62].

فالمثيرات التي تتمثّل هنا في محاولات السلطات المنع من الزيارة قد أنتجت استجابة عكسية، وهي خلق كيان اجتماعي ثقافي يؤمن بمجموعة من المبادئ والقيم والأفكار التي تدور حول محور واحد، وهو محور محبّة أهل البيت^، والإصرار على الالتزام بنهجهم.

الخاتمة

بعد البحث في مفهوم الزيارة تأريخياً وسيكولوجياً توصّلنا إلى جملة من الأُمور، أهمّها:

1ـ إنّ ظاهرة الزيارة المباركة شهدت خلال العهدين الأُموي والعبّاسي جملة من الهجمات التي شنّتها السلطتان ـ الأُموية والعبّاسية ـ على الزائرين من جهة، وعلى المرقد الطاهر للإمام الحسين× من جهة أُخرى، وأنّ هذه الهجمات والضغوط كانت ضمن سياسة ممنهجة اتُّبعت بهدف القضاء على هذه الظاهرة؛ لما كانت تمثّله من تهديد صريح لحكم كلا الدولتين.

2ـ إنّ الضغط والمنع والمحاربة لشعيرة الزيارة أنتجت مردوداً سيكولوجياً معكوساً، ساهم في حفظ الزيارة المباركة؛ فقد كانت مفاهيم الإصرار والعزيمة والمقاومة الشديدة حاضرة بقوّة من قِبل أتباع أهل البيت^، لمواجهة تلك الضغوط وذلك المنع، وهذا إنّما حصل بفعل أثرٍ نفسيٍّ موجود في نفوس الزائرين.

3ـ رغم التحديّات السابقة، ساهمت الزيارة المباركة بتغذية المجتمع بآثار نافعة عديدة، منها إنّها زرعت في نفوس الزائرين مفاهيم البذل والعطاء والصبر، وجعلت منهم كياناً فكرياً واحداً منسجماً.

المصادر والمراجع

* القرآن الكريم.

أوّلاً: الكتب

          إكسير العبادات في أسرار الشهادات، آغا بن عابد الشيرواني المعروف بالفاضل الدربندي، تحقيق: محمد جمعة بادي وعبّاس ملا عطية الجمري، البحرين، الطبعة الأُولى، 1415هـ.

          الأمالي، محمد بن الحسن الطوسي، تحقيق: قسم الدراسات الإسلامية في مؤسّسة البعثة، دار الثقافة، قم ـ إيران، الطبعة الأُولى، 1414هـ.

          تاج العروس من جواهر القاموس، محمد مرتضى الحسيني الواسطي الزبيدي، تحقيق: علي شيري، دار الفكر، بيروت ـ لبنان، 1414هـ.

          تاريخ الأُمم والملوك، محمد بن جرير الطبري، تحقيق: نخبة من العلماء، مؤسّسة الأعلمي للمطبوعات، بيروت ـ لبنان، الطبعة الرابعة، 1983م. ودار الكتب العلمية، بيروت ـ لبنان، الطبعة الأُولى، 1407هـ.

          تاريخ النياحة على الإمام الشهيد الحسين بن علي÷، صالح الشهرستاني، تحقيق: نبيل رضا علوان، دار الزهراء، ، بيروت ـ لبنان.

          تراث كربلاء، سلمان هادي آل طعمة، مؤسّسة الأعلمي للمطبوعات، ، بيروت ـ
لبنان، الطبعة الثانية، 1983م.

          ذوب النضّار في شرح الثار، جعفر بن محمد بن جعفر ابن نما الحلّي، تحقيق: فارس حسّون كريم، مؤسّسة النشر الإسلامي، قم ـ إيران، الطبعة الأُولى، 1416هـ.

          الصحاح، إسماعيل بن حمّاد الجوهري، تحقيق: أحمد عبد الغفور العطّار، دار العلم للملايّين، بيروت ـ لبنان، الطبعة الرابعة، 1407هـ.

          العين، عبد الرحمن الخليل بن أحمد الفراهيدي، تحقيق: مهدي المخزومي وإبراهيم السامرائي، مؤسّسة دار الهجرة، قم ـ إيران، الطبعة الثانية، 1409هـ.

10ـ    الفتوح، أحمد بن أعثم الكوفي (ت314هـ)، تحقيق: علي شيري، الناشر: دار الأضواء للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت ـ لبنان، الطبعة الأُولى، 1411هـ.

11ـ    القاموس المحيط، مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروز آبادي الشيرازي (ت817هـ).

12ـ    كامل الزيارات، جعفر بن محمد ابن قولويه القمّي، تحقيق: جواد سلمان هادي القيومي، مؤسّسة النشر الإسلامي، الطبعة الأُولى، 1417هـ.

13ـ    كنز الدرر وجامع الغرر، أبو بكر بن عبد الله بن أيبك ابن الدواداري، تحقيق: صلاح الدين المنجد، 1380هـ.

14ـ    لسان العرب، جمال الدين محمد بن مكرم ابن منظور، نشر أدب الحوزة، 1405هـ.

15ـ    اللهوف في قتلى الطفوف، علي بن موسى بن جعفر بن طاووس، مؤسّسة أنوار الهدى، قم ـ إيران، الطبعة الأُولى، 1417هـ.

16ـ    مجاز القرآن، معمر بن المثنى التيمي، مكتبة الخانجي، القاهرةـ مصر.

17ـ    مرقد الإمام الحسين×، تحسين آل شبيب، دار الفقه للطباعة، الطبعة الأُولى، 1421هـ.

18ـ    مصباح المتهجّد، محمد بن الحسن الطوسي، بيروت ـ لبنان، الطبعة الأُولى، 1411هـ.

19ـ    المعاني (مصطلحات في علم النفس)، بديع القشاعلة، شركة السيكولوجي، مدينة رهط ـ فلسطين، 2019م

20ـ    معجم المصطلحات والألفاظ الفقهية، محمود عبد الرحمن عبد المنعم، دار الفضيلة.

21ـ    المعلّى بن خنيس، حسين الساعدي، دار الحديث، الطبعة الأُولى، 1425هـ.

22ـ    مفردات ألفاظ القرآن، الحسين بن محمد بن المفضل المعروف بالراغب الأصفهاني، تحقيق: صفوان عدنان داوودي، الطبعة الثانية، 1427هـ.

23ـ    مقاتل الطالبيّين، علي بن الحسين المعروف بأبي الفرج الأصفهاني، تحقيق: كاظم المظفّر، المكتبة الحيدرية، النجف الأشرف ـ العراق، الطبعة الثانية، 1385هـ.

24ـ    مقتل الإمام الحسين×، عبد الرزاق الموسوي المقرّم، النجف الأشرف، الطبعة الثانية، 1376هـ.

25ـ    مقتل الخوارزمي، أحمد بن مكّي أخطب خوارزم، تحقيق: محمد السماوي، دار أنوار الهدى.

26ـ    مناقب آل أبي طالب، محمد بن علي بن شهر آشوب، المطبعة الحيدرية، النجف الأشرف ـ العراق، 1376هـ.

27ـ    المنتظم في تاريخ الملوك والأُمم، عبد الرحمن بن محمد بن علي ابن الجوزي، تحقيق: محمد عبد القادر عطا ومصطفى عبد القادر عطا، دار الكتب العلمية، بيروت ـ لبنان، الطبعة الأُولى، 1412هـ.

28ـ     الوافي بالوفيّات، خليل بن أيبك بن عبد الله الصفدي، تحقيق: أحمد الأرنؤوط وتركي مصطفى، دار إحياء التراث، بيروت ـ لبنان، 1420هـ.

ثانياً: الرسائل والأطاريح الجامعية

       المشكلات السلوكية لدى الأطفال المحرومين من بيئتهم الأُسرية، مليكة هويرة، رسالة ماجستير مقدّمة إلى كلّية العلوم الإنسانية والاجتماعية، جامعة محمد خيضر، الجزائر، 2015م.

       الطمأنِينة النفسية وعلاقتها بمستوى الطموح لدى أبناء مرض الفصام العقلي، مريم محمد سالم الغمري، (رسالة ماجستير) في كلية التربية، الجامعة الإسلامية، غزة، 2016م.

ثالثاً: المجلاّت والبحوث والمواقع الإلكترونية

       الإصرار والعزيمة بوابة التفوّق، أمل العفيفي، مقال منشور في مجلّة الإمارات اليوم، بتاريخ14/يناير/2017م.

       دور الزيارة الأربعينية في الإصلاح، محمد رضا الساعدي، مقال منشور في مجلّة الإصلاح الحسيني، مؤسّسة وارث الأنبياء للدراسات التخصصية في النهضة الحسينية في العتبة الحسينية المقدّسة، العدد 19، السنة الخامسة، 2017م.

       عاشوراء وترويض النفس بالصبر، عزيز ملا هذال، مقال منشور على شبكة النبأ المعلوماتية (https://annabaa.org)، بتاريخ11/آب/2021م.

       فوائد العطاء النفسية والعصبية، محمد الشوبكي، مقال منشور على موقع الطبّ النفسي بتاريخ7/يناير/2013م..

       كيفية اكتساب قوّة الإرادة ومضاء العزيمة، عطا الله العربي، مقال منشور على موقع إسلام ويب بتاريخ 2/آذار/2014م.

       المقاومة النفسية وتوكيد الذات بصفتهما منبئين بجودة الحياة الزواجية لدى عيّنة من الزوجات (مقال)، نصرة منصور عبد المجيد، دار المنظومة، 2020م، مصر.

 



[1]   الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج3، ص348.

 

[2] ابن طاووس، علي بن موسى، اللهوف في قتلى الطفوف: ص85.

 

[3] هكذا في المصدر، والصحيح: ليتكَ حاضرٌ.

 

[4] الدربندي، آغا بن عابد، إكسير العبادات في أسرار الشهادات: ج3، ص226.

 

[5][5] المقرّم، عبد الرزاق، مقتل الإمام الحسين×: ص319ـ320.

 

[6] ابن طاووس، علي بن موسى، اللهوف في قتلى الطفوف: ص114.

 

[7] الطوسي، محمد بن الحسن، مصباح المتهجّد: ص788.

 

[8] الطبري، محمد بن جـرير، تاريـخ الأُمم والملوك: ج4، ص431ـ432.

 

[9] ابن أعثم الكوفي، أحمد، الفتوح: ج6، ص214.

 

[10] اُنظر: ابن نما الحلّي، جعفر بن محمد، ذوب النضّار في شرح الثار: ص105.

 

[11] الخوارزمي، أحمد، مقتل الخوارزمي: ج2، ص214.

 

[12] اُنظر: الساعدي، حسين، المعلّى بن خنيس: ص21.

 

[13] اُنظر: آل شبيب، تحسين، مرقد الإمام الحسين×: ص122.

 

[14] قامت هذه الثورة عام 145من الهجرة، وكانت في المدينة المنوّرة، وحظيت بدعم كبير في بادئ أمرها، غير أنّها انتهت بشهادة (ذو النفس الزكية) على يد العبّاسيين. اُنظر: أبو الفرج الأصفهاني، علي بن الحسين، مقاتل الطالبيّين: ص167.

 

[15] المصدر السابق: ص213.

 

[16] الشهرستاني، صالح، تاريخ النياحة على الإمام الشهيد الحسين بن علي÷: ص5.

 

[17] الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج5، ص21.

 

[18] الطوسي، محمد بن الحسن، الأمالي: ص325.

 

[19] ابن شهر آشوب، محمد بن علي، مناقب آل أبي طالب: ج3، ص221.

 

[20] الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج7، ص365.

 

[21] الطوسي، محمد بن الحسن، الأمالي: ص326.

 

[22] اُنظر: آل شبيب، تحسين، مرقد الإمام الحسين×: ص124.

 

[23] ابن الجوزي، عبد الرحمن، المنتظم في تاريخ الملوك والأُمم: ج18، ص125.

 

[24] اُنظر: آل طعمة، سلمان هادي، تراث كربلاء: ص78.

 

[25] اُنظر: ابن الدواداري، أبو بكر بن عبد الله، كنز الدرر وجامع الغرر: ج6، ص366.

 

[26] دبيس بن صدقة بن منصور بن دبيس بن علي بن مزيد الأسدي، أبو الأعزّ نور الدولة ملك العرب ابن سيف الدولة أبي الحسن الناشري، صاحب الحلّة المزيدية، كان جواداً كريماً، عنده معرفة بالأدب والشعر، وتمكّن في خلافة المسترشد واستولى على كثير من بلاد العراق. اُنظر: الصفدي، خليل بن أيبك، الوافي بالوفيات: ج13، ص321.

 

[27] اُنظر: الشهرستاني، صالح، تاريخ النياحة على الإمام الشهيد الحسين بن علي÷: ج2، ص19.

 

[28] ابن منظور، محمد بن مكرم، لسان العرب: ج12، ص496.

 

[29] عبد المجيد، نصرة منصور، المقاومة النفسية وتوكيد الذات بصفتهما منبئين بجودة الحياة الزواجية لدى عيِّنة من الزوجات (مقال): ص508.

 

[30] القشاعلة، بديع، المعاني (مصطلحات في علم النفس): ص44.

 

[31] عبد المجيد، نصرة منصور، المقاومة النفسية: ص511.

 

[32] عبد المنعم، محمود عبد الرحمن، معجم المصطلحات والألفاظ الفقهية: ج1، ص199.

 

[33] المصدر السابق.

 

[34] التيمي، معمر بن المثنى، مجاز القرآن: ج2، ص201.

 

[35] العفيفي، أمل، الإصرار والعزيمة بوابة التفوّق، مجلّة الإمارات اليوم، بتاريخ14/ يناير/2017م.

 

[36] اُنظر: العربي، عطا الله، كيفيّة اكتساب قوّة الإرادة ومضاء العزيمة، مقال منشور على موقع إسلام ويب بتاريخ 2/آذار/2014م.

 

[37] اُنظر: القشاعلة، بديع، المعاني (مصطلحات في علم النفس): ص9.

 

[38] المصدر السابق: ص91.

 

[39] الفيروز آبادي، محمد بن يعقوب، القاموس المحيط: ج2، ص331ـ332.

 

[40] اُنظر: هويرة، مليكة، المشكلات السلوكية لدى الأطفال المحرومين من بيئتهم الأُسرية (رسالة ماجستير): ص34.

 

[41] الجوهري، إسماعيل بن حمّاد، الصحاح: ج6، ص2269.

 

[42] ابن قولويه، جعفر بن محمد، كامل الزيارات: ص251.

 

[43] الطوسي، محمد بن الحسن، مصباح المتهجّد: ص721.

 

[44] القشاعلة، بديع، المعاني (مصطلحات في علم النفس): ص28.

 

[45] الجوهري، إسماعيل بن حمّاد، الصحاح: ج5، ص1841.

 

[46] الزبيدي، محمد مرتضى، تاج العروس: ج15، ص774.

 

[47] «هو نوع من أنواع الحاجات الداخلية، مثل: الجوع والعطش والجنس والنوم والأُمومة، وهو الباعث الذي يُحرِّك السلوك». القشاعلة، بديع، المعاني (مصطلحات في علم النفس): ص35.

 

[48] الرعد: الآية28.

 

[49] الإسراء: الآية95.

 

[50] ابن منظور، محمد بن مكرم، لسان العرب: ج13، ص268.

 

[51] اُنظر: الغمري، مريم محمد، الطمأنينة النفسية وعلاقتها بمستوى الطموح لدى أبناء مرض الفصام العقلي (رسالة ماجستير): ص25.

 

[52] الطوسي، محمد بن الحسن، مصباح المتهجّد: ص738.

 

[53] اُنظر: الساعدي، محمد رضا، دور الزيارة الأربعينية في الإصلاح، مجلة الإصلاح الحسيني، مؤسّسة وارث الأنبياء في العتبة الحسينية المقدّسة، العدد19، السنة الخامسة 1438 هـ/2017م: ص182.

 

[54] الفراهيدي، الخليل بن أحمد، العين: ج8، ص187.

 

[55] ابن منظور، محمد بن مكرم، لسان العرب: ج15، ص68.

 

[56] آل عمران: الآية92.

 

[57] اُنظر: الشوبكي، محمد، فوائد العطاء النفسية والعصبية، مقال منشور بتاريخ7/ يناير/ 2013م، على موقع الطبّ النفسي (https://altibbi.com).

 

[58] الأصفهاني، الحسين بن محمد، مفردات ألفاظ القرآن: ص474.

 

[59] ملا هذال، عزيز، عاشوراء وترويض النفس بالصبر، مقال منشور على شبكة النبأ المعلوماتية (https://annabaa.org)، بتاريخ11/آب/2021م.

 

[60] القشاعلة، بديع، المعاني (مصطلحات في علم النفس): ص27ـ 28.

 

[61] المصدر السابق: ص57.

 

[62] المصدر السابق: ص20.