شبهة: نفي وطئ جسد الحسين (ع)
متن الشبهة:
الجواب:
باسمه تعالى
إن ما حصل من وطء لجسد الإمام الحسين× في يوم عاشوراء مما تناقلته كتب التاريخ المتعددة، وقد ذكرها كثير من المؤرخين، مثل الطبري حيث قال: )فأتوا فداسوا الحسين بخيولهم حتى رضوا ظهره وصدره([1]، والبلاذري في انسابه[2]، والمسعودي في مروج الذهب[3]، وغيرهم الكثير[4].
ومما يدل على وقوع الحادثة ما روي عن الأمام الباقر ×: (ولقد قتلوه قتلة نهى رسول الله’ أن يقتل بها الكلاب، ولقد قتل بالسيف والسنان وبالحجارة وبالخشب وبالعصي، ولقد أوطأه الخيل بعد ذلك([5].
وقد ورد في زيارة الناحية المقدسة هذا المعنى أيضا: (تطؤك الخيول بحوافرها، وتعلوك الطغاة ببواترها)[6].
هذا بالإضافة إلى ذكر الشعراء المعاصرين للأئمة^ الحادثة في أبياتهم كدعبل الخزاعي الذي كان معاصرا للإمام الرضا×: الذي أنشد في ذلك:
عارٍ بلا ثوب صريع في الثرى * بين الحوافر والسنابك يُقصد[7].
وأما رواية الكافي المروية عن إدريس الأودي التي تشير إلى أن فضة أخبرت الأسد أن القوم يرومون رض الجسد الشريف غداً، وطلبت منه منعهم من ذلك[8]، فالنظر فيها من عدّة جهات:
الجهة الأولى: إن سند الحديث كما ذكرنا ينتهي إلى إدريس، وقد استبعد السيد محمد رضا الجلالي وجوده في واقعة الطف[9].
الجهة الثانية: هذه الرواية مع ضعف سندها مخالفة لما ذكره جميع المؤرخين كما أسلفنا.
الجهة الثالثة: من المستبعد حضور فضة في يوم عاشوراء، وكذلك في أيام الأسر، إذ إن الكتب التي ذكرت حادثة الطف وتفاصيلها والشخصيات التي كانت حاضرة آنذاك لا يمكن أن لا تتطرق إلى فضة وهي
التي كانت من الملازمات لبيت أمير المؤمنين×!
الجهة الرابعة: مع فرض صحة الرواية، فإن الظاهر منها هو تعدد الحادثة، فإن وطء جسده المبارك قد حصل في اليوم العاشر من المحرم ومنع الأسد من وطء جسده× في اليوم التالي من مقلته×، وذلك من خلال ما جاء فيها: (فدعيني أمضي إليه وأعلمه ما هم صانعون غدًا)، (أتدري ما يريدون أن يعملوا غدا بأبي عبد الله ×)[10]، وقد تناول هذا الموضوع مقال نشر في مجلة الإصلاح الحسيني، فمن يحب الاطلاع أكثر فليراجع العدد السادس[11].
[1]. الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأمم والملوك: ج4، ص347، راجعه وصححه: نخبة من العلماء الأجلاء، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، بيروت - لبنان، ط4، 1403هـ - 1983م.
[2]. البلاذري، أحمد بن يحيى، أنساب الأشراف: ج3، ص204، تحقيق: محمد باقر المحمودي، دار التعارف للمطبوعات.
[3]. المسعودي، علي بن الحسين، مروج الذهب ومعادن الجوهر: ج3، ص62، دققها ووضعها وضبطها الأستاذ يوسف أسعد داغر، أمين دار الكتب اللبنانية سابقاً، والاختصاص بفن المكتبات والبيلوغرافيا، من منشورات دار الهجرة، إيران – قم، ط1.
[4]. انظر: المفيد، محمد بن محمد، الإرشاد : ج2، ص،113. ابن الأثير ، علي بن محمد، الكامل في التاريخ: ج4، ص80. ابن طاووس، علي بن موسى، اللهوف في قتلى الطفوف: ص79-80. المقريزي، أحمد بن علي، إمتاع الأسماع: ج5، ص364.
[5]. الأصول الستة عشر من الأصول الأولية في روايات وأحاديث أهل البيت^، عدة محدثين: ص122، الناشر: دار الشبستري للمطبوعات (قم)، المطبعة: مهدية، ط2.
[6]. المشهدي، محمد بن جعفر، المزار: ص504، تحقيق: جواد القيومي الأصفهاني، مؤسسة النشر الإسلامي - قم المقدسة، ط1، رمضان المبارك 1419هـ .
[7]. ابن شهر آشوب، محمد بن علي، مناقب آل أبي طالب: ج3، ص263، قام بتصحيحه لجنة من أساتذة النجف الأشرف، الناشر: المكتبة الحيدرية - النجف الأشرف، 1376هـ - 1956م.
[8]. انظر: الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي: ج1، ص465-466، تصحيح وتعليق: علي أكبر الغفاري، الناشر: دار الكتب الإسلامية – طهران، ط5، 1363 ش.
[9]. (وحينئذٍ يبعُدُ حضوره [إدريس بن يزيد الأودي] وقعة الطفّ، فهو لو كان وُلِدَ قبلها لكان صغيراً حينئذٍ. فالظاهر أنّ حكايته لتلك الواقعة كانت عن علمٍ، لا عن شهودٍ، مع أنّ شهوده لجميع هذه الواقعة ـ التي بعضها راجع إلى الحرم، وبعضها إلى المعركة، وبعضها إلى موضع خارج عن الحرم والمعركة ـ بعيد جدّاً. نعم، كان في عصره أكثر مَنْ شهد وقعة الطفّ حيّاً، فكان يمكنه العلم ببعض ما وقع فيها من الأُمور، خصوصاً الأُمور الغريبة التي جرت عادة الناس بنقلها عند مشاهدتها، فيحصل العلم لـمَن لم يشاهدها بتضافر النقل ممَّن شهدها، لكن يبعده أنّه لم يُتابَعْ في هذه الحكاية). انظر: الجلالي، محمد رضا بن محسن، المنهج الرجالي والعمل الرائد في الموسوعة الرجالية للسيد البروجردي: ص187-189.
[10]. الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي: ج1، ص465-466.
[11]. المقال بعنوان: (هل وطأت الخيل جسد الحسين×) للكاتب الشيخ لؤي المنصوري، نشر في مجلة الإصلاح الحسيني العدد السادس الصادرة عن مؤسسة وأرث الأنبياء للدراسات التخصصية في النهضة الحسينية التابعة للعتبة الحسينية المقدسة.