شبهة: إن الإمام الحسين(ع) ضعيف الشخصية
متن الشبهة:
الجواب:
باسمه تعالى
ان البكاء لفقد الأحبة وجريان العيون لأجلهم من الغرائز التي أودعها الله سبحانه في الإنسان، قال تعالى: ﴿وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى﴾[1]، وحسب تعبير رسول الله| أنه رأفة ورحمة أودعها الله قلوب عباده[2]، وعليه فلا يلام الإنسان على ذلك ولا يوصف بالضعف.
ثم إن بكاء الإمام الحسين× وانحناءه على علي الأكبر ليس من الضعف في شيء؛ إذ إنه لم يؤثر في عزيمته وشجاعته، فقد رأى الأعداء من بسالته وشدة بأسه× ما أذهلهم وجعلهم حيارى، قال: حميد بن مسلم: «فوالله ما رأيت مكثورا قط قد قُتل وُلده وأهل بيته وأصحابه أربط جأشا ولا أمضى جنانا منه×، إن كانت الرجالة لتشد عليه فيشد عليها بسيفه، فتنكشف عن يمينه وشماله انكشاف المعزى إذا شد فيها الذئب»[3].
وقال ابن أبي الحديد: «وما ظنك برجل أبت نفسه الدنية وأن يعطي بيده، فقاتل حتى قتل هو وبنوه وإخوته وبنو عمه بعد بذل الأمان لهم، والتوثقة بالأيمان المغلظة، وهو الذي سنّ للعرب الإباء»[4].
وخلاصة ما تقدم: إنه لا ملازمة بين بكاء الإنسان وتأثره على فقد أحبته ووصمه بضعف الشخصية؛ بل على العكس من ذلك تماما، فإن من كمال الإنسان أن يكون رابط الجأش في مواطن الشدة والبأس ورقيق القلب في مواطن الرقة واللين.
شِيَمٌ ما جُمعن في بَشَر قطّ ... وَلا حازَ مثلهُنّ العِبادُ
خُلُقٌ يُخجل النسيمَ من اللُطفِ ... وبأسٌ يذوبُ مِنْهُ الجمادُ[5]
[1]. النجم: 43.
[2]. ابن سعد، محمد بن سعد، الطبقات الكبرى: ج1، ص137ـ 138. تحقيق: إحسان عباس، دار صادر، بيروت - لبنان.
[3]. المفيد، محمد بن محمد، الإرشاد في معرفة حجج الله على العباد: ج2، ص111، تحقيق: مؤسسة آل البيت^ لتحقيق التراث، دار المفيد للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت -لبنان، ط2، 1414هـ - 1993م.
[4]. ابن أبي الحديد، عبد الحميد بن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة: ج15، ص274، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم، دار إحياء الكتب العربية-عيسى البابي الحلبي وشركاه، ط1، ١٣٧٨- ١٩٥٩م.
[5]الأمين، محسن بن عبد الكريم، أعيان الشيعة: ج1، ص329، تحقيق: حسن الأمين، دار التعارف للمطبوعات - بيروت.