شبهة: أعداء الإمام الحسين(ع) يمنعون الماء عنه انتقامًا لعثمان!
متن الشبهة:
الجواب:
باسمه تعالى
ان العمل بالمثل القائل (رمتني بدائها وانسلت) هو ما دأبت عليه المدرسة الأموية، فالمكر والحيلة والخداع والكذب هو منهجهم وطريقهم الذي انتهجوه في محاربة وتصفية خصومهم لا سيما أهل البيت^، فعبيد الله بن زياد لم يختلف عما كان عليه سلفه معاوية بن أبي سفيان، فمعاوية- الذي خذل عثمان حين تسنى له نصرته حتى تم قتله[1]-، قام بإلصاق تهمتي منع الماء عن عثمان ومقتله بأمير المؤمنين وأصحابه× مطالباً في نفس الوقت الثأر له، بينما ينقل لنا التاريخ أن طلحة والزبير هما من الأسباب الرئيسية في منع وصول الماء إلى عثمان وقتله، وقد أساءوا إلى أمير المؤمنين× حينما أراد إدخال الماء إليه فحالوا دون ذلك[2]، بل إن عثمان لما ألم به العطش بحصارهم له نادى: )أيها الناس اسقونا شربة من الماء وأطعمونا مما رزقكم الله)، فأجابه الزبير:(يا نعثل، لا والله لا تذوقه)[3]، وقد ردّ هذه التهمة عن أمير المؤمنين× مروان حين قال عن ذلك: (ما كان في القوم أحد أدفع عن صاحبنا من صاحبكم (يعني علياً عن عثمان))[4]، إلا أنه استدرك قائلا حين سؤل: (فما لكم تسبونه على المنبر؟ قال: لا يستقيم الأمر إلا بذلك)[5]، ومع هذا فقد أرسل إليه أمير المؤمنين× بثلاث قرب مملوءة من الماء، جرح على أثرها بعض موالي بني هاشم[6].
فلا يخفى على أحد بعد هذا كله من أن أعداء أهل البيت ^ يستحلون الكذب ويبررون لفعلهم الشنيع بانهم منعوا الماء عن الإمام الحسين× وأهل بيته في يوم كربلاء ثأرا لعثمان، وهذا الأسلوب استخدمه معاوية في صفين حيث برر منعه الماء عن أمير المؤمنين × وجيشه بنفس تلك الاكذوبة حتى بان العطش في جيش أمير المؤمنين× ، فقال عمرو بن العاص لمعاوية: Sإن عليا لا يموت عطشاً هو وتسعون ألفاً من أهل العراق وسيوفهم على عواتقهم، ولكن دَعْهُم يشربون ونشرب، فقال معاوية : لا والله أو يموتوا عطشا كما مات عثمانR [7]، مع أن أمير المؤمنين ×لم يقابلهم بنفس الفعل[8]، بل قال حين ملك الفرات: Sنعدل وإن ظلم وإن بغى وإن غدر، وننصف وإن منع النصف، ونعفو إذا قدر [نا] [9]، وهكذا فعل الإمام الحسين × -وهو أبن أبيه- مع أعدائه قبل يوم عاشوراء عندما التقى بطلائع جيش ابن زياد بقيادة الحر وكانوا ألفا، قال في الأخبار الطوال: Sحتى إذا دنوا أمر الحسين × فتيانه أن يستقبلوهم بالماء، فشربوا، وتغمرت خيلهمR[10]، فانظر إلى فعله الذي ينم عن الرحمة والعطف والحنان وان كانوا أعداءه.
[1]. انظر: اليعقوبي، أحمد بن أبي يعقوب، تاريخ اليعقوبي: ج2، ص175، دار صادر بيروت - لبنان، مؤسسة ونشر فرهنگ أهل بيت^ - قم.
[2]. انظر: البلاذري، أحمد بن يحيى، أنساب الأشراف: ج5، ص 561و582، تحقيق: إحسان عباس، جمعية المستشرقين الألمانية. الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأمم والملوك: ج3، ص398، راجعه وصححه: نخبة من العلماء الأجلاء، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، بيروت - لبنان، ط4، 1403هـ - 1983م.
[3]. المفيد، محمد بن محمد، الجمل: ص75، منشورات مكتبة الداوري –قم- ايران ط1.
[4]. ابن عساكر، علي بن الحسن، تاريخ مدينة دمشق: ج42، ص438، تحقيق: علي شيري، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت - لبنان، 1415هـ .ق - 1995م.
[5]. المصدر السابق.
[6]. البلاذري، أحمد بن يحيى، أنساب الأشراف: ج2، ص558، تحقيق محمد باقر المحمودي، منشورات الأعلمي. ابن أعثم، أحمد ابن أعثم، الفتوح: ج2، ص417، تحقيق: على شيري، دار الأضواء للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت - لبنان، ط1، 1411هـ - 1991م. ابن عساكر، علي بن الحسن، تاريخ مدينة دمشق: ج39، ص418.
[7]. المسعودي، علي بن الحسين، مروج الذهب ومعادن الجوهر: ج2، ص375، منشورات دار الهجرة، إيران –قم، ط2.
[8]. انظر: المنقري، نصر بن مزاحم، وقعة صفين: ص162، تحقيق وشرح: عبد السلام محمد هارون، المؤسسة العربية الحديثة، ط2. وقعة صفين، ص162. البلاذري، أحمد بن يحيى، أنساب الأشراف: ج2، ص299.
[9]. الاسكافي، محمد بن عبد الله، المعيار والموازنة: ص146، تحقيق: الشيخ محمد باقر المحمودي.
[10]. الدينوري، أحمد بن داوود، الأخبار الطوال: ص249. الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأمم والملوك: ج4، ص302، راجعه وصححه: نخبة من العلماء الأجلاء، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، بيروت - لبنان، ط4، 1403هـ - 1983م. الفتال النيسابوري، محمد بن الحسن، روضة الواعظين: ص179، تقديم: السيد محمد مهدى السيد حسن الخرسان، منشورات الشريف الرضي، قم - إيران.